" صفحة رقم ١٤ "
فيها، فيروا مكان خزيهم، وحسرتهم ) فِتْنَتُهُمْ ( كفرهم. والمعنى : ثم لم تكن عاقبة كفرهم الذي لزموه أعمارهم، وقاتلوا عليه وافتخروا به، وقالوا دين آبائنالا جحوده والتبرؤ منه، والحلف على الانتفاء من التدين به. ويجوز أن يراد : ثم لم يكن جوابهم إلا أن قالوا فسمي فتنة ؛ لأنه كذب. وقرىء :( تكن ) بالتاء وفتنتهم، بالنصب. وإنما أنث ) أَن قَالُواْ ( لوقوع الخبر مؤنثاً، كقولك : من كانت أمّك ؟ وقرىء بالياء ونصب الفتنة. وبالياء والتاء مع رفع الفتنة. وقرىء :( ربنا ) بالنصب على النداء ) وَضَلَّ عَنْهُم ( وغاب عنهم ) مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ( أي يفترون إلهيته وشفاعته. فإن قلت : كيف يصحّ أن يكذبوا حين يطلعون على حقائق الأمور على أن الكذب والجحود لا وجه لمنفعته ؟ قلت : الممتحن ينطق بما ينفعه وبما لا ينفعه من غير تمييز بينهما حيرة ودهشاً : ألا تراهم يقولون :) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ( ( المؤمنون : ١٠٧ ) وقد أيقنوا بالخلود ولم يشكوا فيه، ) وَنَادَوْاْ يامَالِكُ مَالِكَ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ( ( الزخرف : ٧٧ ) وقد علموا أنه لا يقضى عليهم. وأما قول من يقول : معناه : ما كنا مشركين عند أنفسنا وما علمنا أنا على خطأ في معتقدنا، وحملُ قوله :) انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ ( يعني في الدنيا فتحمل وتعسف وتحريف لأفصح الكلام إلى ما هو عيّ وإقحام، لأن المعنى الذي ذهبوا إليه ليس هذا الكلام بمترجم عنه ولا منطبق عليه، وهو نابٍ عنه أشدّ النبوّ. وما أدري ما يصنع من ذلك تفسيره بقوله تعالى :) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهِ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَىْء أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ( ( المجادلة : ١٨ ) بعد قوله :) وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ( ( المجادلة : ١٤ ) فشبه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا.
) وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِىءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءَايَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الاٌّ وَّلِينَ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (
الأنعام :( ٢٥ ) ومنهم من يستمع.....
وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ( حين تتلوا القرآن. روى :
( ٣٧٢ ) أنه اجتمع أبو سفيان والوليد والنضر وعتبة وشيبة وأبو جهل، وأضرابهم