" صفحة رقم ٢٤٠ "
) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (
التوبة :( ١٦ ) أم حسبتم أن.....
) أَمْ ( منقطعة، ومعنى الهمزة فيها التوبيخ على وجود الحسبان. والمعنى : أنكم لا تتركون على ما أنتم عليه، حتى يتبين الخلص منكم، وهم الذين جاهدوا في سبيل الله لوجه الله، ولم يتخذوا وليجة أي بطانة، من الذين يصادّون رسول الله ( ﷺ ) والمؤمنين رضوان الله عليهم ) وَلَمَّا ( معناها التوقع، وقد دلّت على أن تبين ذلك، وإيضاحه متوقع كائن، وأن الذين لم يخلصوا دينهم لله يميز بينهم وبين المخلصين. وقوله :) وَلَمْ يَتَّخِذُواْ ( معطوف على جاهدوا، داخل في حيز الصلة، كأنه قيل : ولما يعلم الله المجاهدين منكم المخلصين غير المتخذين وليجة من دون الله. والوليجة : فعيلة من ولج، كالدخيلة من دخل. والمراد بنفي العلم نفي المعلوم، كقول القائل. ما علم الله مني ما قيل فيّ، يريد : ما وجد ذلك مني.
) مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ أُوْلَائِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِى النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (
التوبة :( ١٧ ) ما كان للمشركين.....
) مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ ( ما صحّ لهم ما استقام ) أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللَّهِ ( يعني المسجد الحرام، لقوله :) وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ( وأما القراءة بالجمع ففيها وجهان، أحدهما : أن يراد المسجد الحرام، وإنما قيل مساجد لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها ؛ فعامره كعامر جميع المساجد، ولأن كل بقعة منه مسجد. والثاني : أن يراد جنس المساجد، وإذا لم يصلحوا لأن يعمروا جنسها، دخل تحت ذلك أن لا يعمروا المسجد الحرام الذي هو صدر الجنس ومقدمته وهو آكد، لأنّ طريقته طريقة الكناية، كما لو قلت : فلان لا يقرأ كتب الله، كنت أنفى لقراءته القرآن من تصريحك بذلك. و ) شَاهِدِينَ ( حال من الواو في ) يَعْمُرُواْ ( والمعنى : ما استقام لهم أن يجمعوا بين أمرين متنافيين : عمارة متعبدات الله، مع الكفر بالله وبعبادته. ومعنى شهادتهم على أنفسهم بالكفر : ظهور كفرهم وأنهم نصبوا أصنامهم حول البيت، وكانوا يطوفون عراة ويقولون : لا نطوف عليها بثياب قد أصبنا فيها المعاصي، وكلما طافوا بها شوطاً سجدوا لها. وقيل : هو قولهم لبيك لا شريك لك إلاّ شريك هو لك تملكه وما ملك. وقيل :
( ٤٤٥ ) قد أقبل المهاجرون والأنصار على أسارى بدر فعيروهم بالشرك، فطفق