" صفحة رقم ٢٥٥ "
( ٤٦١ ) وتوفي رجل فوجد في مئزره دينار، فقال رسول الله ( ﷺ ) ( كية ) وتوفي آخر فوجد في مئزره ديناران، فقال :( كيتان ) قلت : كان هذا قبل أن تفرض الزكاة، فأمّا بعد فرض الزكاة، فالله أعدل وأكرم من أن يجمع عبده مالاً من حيث أذن له فيه، ويؤدّي عنه ما أوجب عليه فيه، ثم يعاقبه. ولقد كان كثير من الصحابة كعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وعبيد الله رضي الله عنه يقتنون ويتصرفون فيها، وما عابهم أحد ممن أعرض عن القنية، لأنّ الإعراض اختيار للأفضل، وإلاّ دخل في الورع والزهد في الدنيا، والاقتناء مباح موسع لا يذمّ صاحبه، ولكل شيء حدّ. وما روي عن علي رضي الله عنه : أربعة آلاف فما دونها نفقة، فما زاد فهو كنز. كلام في الأفضل. فإن قلت : لم قيل : ولا ينفقونها، وقد ذكر شيئان ؟ قلت : ذهاباً بالضمير إلى المعنى دون اللفظ : لأن كل واحد منهما جملة وافية وعدة كثيرة ودنانير ودراهم، فهو كقوله :) وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ ( وقيل : ذهب به إلى الكنوز، وقيل : إلى الأموال. وقيل : معناه ولا ينفقونها والذهب، كما أن معنى قوله : فَإنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ ;
وقيار كذلك. فإن قلت : لم خصّا بالذكر من بين سائر الأموال ؟ قلت : لأنهما قانون التمول وأثمان الأشياء، ولا يكنزهما إلاّ من فضلا عن حاجته، ومن كثرا عنده حتى يكنزهما لم يعدم سائر أجناس المال، فكان ذكر كنزهما دليلاً على ما سواهما، فإن