" صفحة رقم ٢٥٦ "
قلت : ما معنى قوله :) وَجَدْنَا عَلَيْهَا ( ؟ وهلا قيل : تحمي، من قولك : حمى الميسم وأحميته، ولا تقول : أحميت على الحديد ؟ قلت : معناه أن النار تحمى عليها، أي توقد ذات حمى وحرّ شديد، من قوله :) نَارٌ حَامِيَةٌ ( ( القارعة : ١١ ) ولو قيل : يوم تحمى، لم يعط هذا المعنى. فإن قلت : فإذا كان الإحماء للنار، فلم ذكر الفعل ؟ قلت : لأنه مسند إلى الجار والمجرور، أصله : يوم تحمى النار عليها، فلما حذفت النار قيل : يحمى عليها، لانتقال الإسناد عن النار إلى عليها، كما تقول : رفعت القصة إلى الأمير، فإن لم تذكر القصة قلت : رفع إلى الأمير وعن ابن عامر أنه قرأ :( تحمى ) بالتاء. وقرأ أبو حيوة :( فيكوى ) بالياء. فإن قلت : لم خصّت هذه الأعضاء ؟ قلت : لأنهم لم يطلبوا بأموالهم حيث لم ينفقوها في سبيل الله إلاّ الأغراضَ الدنيوية، ومن وجاهة عند الناس، وتقدّم، وأن يكون ماء وجوههم مصوناً عندهم، يتلقون بالجميل، ويحيون بالإكرام، ويبجلون ويحتشمون، ومن أكل طيبات يتضلعون منها وينفخون جنوبهم، ومن لبس ناعمة من الثياب يطرحونها على ظهورهم، كما ترى أغنياء زمانك هذه أغراضهم وطلباتهم من أموالهم، لا يخطرون ببالهم قول رسول الله ( ﷺ ) :
( ٤٦٢ ) ( ذهب أهل الدثور بالأجور ) وقيل : لأنهم كانوا إذا أبصروا الفقير عبسوا، وإذا ضمهم وإياه مجلس زوروا عنه وتولوا بأركانهم وولوه ظهورهم. وقيل : معناه يكون على الجهات الأربع مقاديمهم ومآخيرهم وجنوبهم ) هَاذَا مَا كَنَزْتُمْ ( على إرادة القول. وقوله :) لأَنفُسِكُمْ ( أي كنزتموه لتنتفع به نفوسكم وتلتذ وتحصل لها الأغراض التي حامت حولها وما علمتم أنكم كنزتموه لتستضر به أنفسكم وتتعذب وهو توبيخ لهم ) فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (. وقرىء :( تكنزون ) بضم النون أي وبال المال الذي كنتم تكنزونه أو وبال كونكم كانزين.
) إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالاٌّ رْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذالِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (
التوبة :( ٣٦ ) إن عدة الشهور.....
) فِى كِتَابِ اللَّهِ ( فيما أثبته وأوجبه من حكمه ورآه حكمة وصواباً. وقيل في اللوح :) أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ( ثلاثة سرد : ذو القعدة وذو الحجة والمحرّم، وواحد فرد وهو