" صفحة رقم ٢٨١ "
يستغفر لأبيه في مرضه ففعل، فنزلت، فقال رسول الله ( ﷺ ) :( إنَّ الله قد رخص لي فسأزيد على السبعين ) فنزلت :) سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ( ( المنافقون : ٦ ) وقد ذكرنا أن هذا الأمر في معنى الخبر، كأنه قيل : لن يغفر الله لهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، وإن فيه معنى الشرط، وذكرنا النكتة في المجيء به على لفظ الأمر، والسبعون جار مجرى المثل في كلامهم للتكثير، قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام : لاّصْبَحَنَّ الْعَاصِ وَابْنَ الْعَاصِي
سَبْعِينَ أَلْفاً عَاقِدِي النَّوَاصِي
فإن قلت : كيف خفي على رسول الله ( ﷺ ) وهو أفصح العرب وأخبرهم بأساليب الكلام وتمثيلاته، والذي يفهم من ذكر هذا العدد كثرة الاستغفار، كيف وقد تلاه بقوله :) ذالِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ (... الآية فبين الصارف عن المغفرة لهم حتى قال :( قد رخص لي ربي فسأزيد على السبعين ) قلت : لم يخف عليه ذلك، ولكنه خيل بما قال إظهاراً لغاية رحمته ورأفته على من بعث إليه، كقول إبراهيم عليه السلام ) وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( ( إبراهيم : ٣٦ ) وفي إظهار النبي ( ﷺ ) الرأفة والرحمة : لطف لأمّته ودعاء لهم إلى ترحم بعضهم على بعض.
) فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِى الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (
التوبة :( ٨١ ) فرح المخلفون بمقعدهم.....
) الْمُخَلَّفُونَ ( الذين استأذنوا رسول الله ( ﷺ ) من المنافقين فأذن لهم وخلفهم في المدينة في غزوة تبوك، أو الذين خلفهم كسلهم ونفاقهم والشيطان ) بِمَقْعَدِهِمْ ( بقعودهم