" صفحة رقم ٢٨٢ "
عن الغزو ) خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ ( خلفه. يقال : أقام خلاف الحي. بمعنى بعدهم ظعنوا ولم يظعن معهم، وتشهد له قراءة أبي حيوة : خلف رسول الله. وقيل : هو بمعنى المخالفة لأنهم خالفوه حيث قعدوا ونهض، وانتصابه على أنه مفعول له أو حال، أي قعدوا لمخالفته أو مخالفين له ) أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ( تعريض بالمؤمنين وبتحملهم المشاقّ العظام لوجه لله تعالى وبما فعلوا من بذل أموالهم وأرواحهم في سبيل الله تعالى وإيثارهم ذلك على الدعة والخفض. وكره ذلك المنافقون. وكيف لا يكرهونه وما فيهم ما في المؤمنين من باعث الإيمان وداعي الإيقان ) قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّا ( استجهال لهم، لأنّ من تصوّن من مشقة ساعة فوقع بسبب ذلك التصوُّن في مشقة الأبد، كان أجهل من كل جاهل : ولبعضهم : مَسَرَّةُ أَحْقَابٍ تَلَقَّيْتُ بَعْدَهَا
مَسَاءَةَ يَوْمٍ أَرْيُهَا شِبْهُ الصَّاب
فَكَيْفَ بَأَنْ تَلْقَى مَسَرَّةَ سَاعَة
وَرَاءَ تَقَضِّيهَا مَسَاءَة أَحْقَابِ
) فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (
التوبة :( ٨٢ ) فليضحكوا قليلا وليبكوا.....
معناه : فسيضحكون قليلاً، ويبكون كثيراً ) جَزَاء ( إلاّ أنه أخرج على لفظ الأمر للدلالة على أنه حتم واجب لا يكون غيره. يروى أن أهل النفاق يبكون في النار عمر الدنيا، لا يرقأ لهم دمع ولا يكتحلون بنوم.
) فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِىَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِىَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ (
التوبة :( ٨٣ ) فإن رجعك الله.....
وإنما قال ) إِلَى طَائِفَةٍ مّنْهُمْ ( لأنّ منهم من تاب عن النفاق وندم على التخلف، أو اعتذر بعذر صحيح. وقيل : لم يكن المخلقون كلهم منافقين، فأراد بالطائفة : المنافقين منهم ) فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ ( يعني إلى غزوة بعد غزوة تبوك. ) أَوَّلَ مَرَّةٍ ( هي الخرجة إلى غزوة تبوك، وكان إسقاطهم عن ديوان الغزاة عقوبة لهم على تخلفهم الذي علم الله أنه لم يدعهم إليه إلاّ النفاق، بخلاف غيرهم من المتخلفين ) مَعَ الْخَالِفِينَ ( قد مرّ تفسيره. قرأ مالك بن دينار رحمه الله :( مع الخلفين ) على قصر الخالفين. فإن قلت :) مَرَّةٍ ( نكرة وضعت موضع المرات للتفضيل، فلم ذكر اسم التفضيل المضاف إليها وهو دال على واحدة من المرات ؟ قلت : أكثر اللغتين : هند أكبر النساء، وهي أكبرهنّ. ثم إنّ قولك : هي كبرى امرأة، لا تكاد تعثر عليه. ولكن هي أكبر امرأة، وأول مرة وآخر مرة.


الصفحة التالية
Icon