" صفحة رقم ٢٨٥ "
من المخاطب لا ينساه ولا يسهو عنه، وأن يعتقد أن العمل به مهمّ يفتقر إلى فضل عناية به، لا سيما إذا تراخى ما بين النزولين فأشبه الشيء الذي أهم صاحبه، فهو يرجع إليه في أثناء حديثه ويتخلص إليه، وإنما أعيد هذا المعنى لقوته فيما يجب أن يحذر منه.
) وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ ءَامِنُواْ بِاللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ الْقَاعِدِينَ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ لَاكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَائِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاٌّ نْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (
التوبة :( ٨٦ ) وإذا أنزلت سورة.....
يجوز أن يراد السورة بتمامها، وأن يراد بعضها في قوله :) وَإِذَا نُزّلَتْ سُورَةٌ ( كما يقع القرآن والكتاب على كله وعلى بعضه. وقيل : هي براءة، لأنّ فيها الأمر بالإيمان والجهاد ) وَإِذَا أُنزِلَتْ ( هي أن المفسرة ) أُوْلُو الطَّوْلِ ( ذوو الفضل والسعة، من طال عليه طولاً ) مَعَ الْقَاعِدِينَ ( مع الذين لهم علة وعذر في التخلف ) فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ ( ما في الجهاد من الفوز والسعادة وما في التخلف من الشقاء والهلاك ) لَاكِنِ الرَّسُولُ ( أي إن تخلف هؤلاء فقد نهد إلى الغزو من هو خير منهم وأخلص نية ومعتقداً، كقوله :) فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً ( ( الأنعام : ٨٩ )، ) فَإِنِ اسْتَكْبَرُواْ فَالَّذِينَ عِندَ رَبّكَ ( ( فصلت : ٣٨ ). ) الخَيْرَاتِ ( تتناول منافع الدارين لإطلاق اللفظ. وقيل : الحور، لقوله :) فِيهِنَّ خَيْراتٌ ( ( الرحمن : ٧٠ ).
) وَجَآءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الاٌّ عْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (
التوبة :( ٩٠ ) وجاء المعذرون من.....
) الْمُعَذّرُونَ ( من عذر في الأمر، إذا قصر فيه وتوانى ولم يجدّ : وحقيقته أنه يوهم أن له عذراً فيما يفعل ولا عذر له : أو المعتذرون بإدغام التاء في الذال ونقل حركتها إلى العين ويجوز في العربية كسر العين لالتقاء الساكنين وضمها لإتباع الميم، ولكن لم تثبت بهما قراءة، وهم الذين يعتذرون بالباطل، كقوله :) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ ( وقرىء :( المعذرون ) بالتخفيف : وهو الذي يجتهد في العذر ويحتشد فيه. قيل : هم أسد وغطفان. قالوا : إن لنا عيالاً : وإن بنا جهداً فائذن لنا في التخلف. وقيل :
( ٤٨٣ ) هم رهط عامر بن الطفيل قالوا : إن غزونا معك أغارت أعراب طيّ على


الصفحة التالية
Icon