" صفحة رقم ٣٦٢ "
) الْعَذَابَ ( عذاب الآخرة. وقيل عذاب يوم بدر. وعن ابن عباس : قتل جبريل المستهزئين ) إِلَى أُمَّةٍ ( إلى جماعة من الأوقات ) مَا يَحْبِسُهُ ( ما يمنعه من النزول استعجالاً له على وجه التكذيب والاستهزاء. و ) يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ( منصوب بخبر ليس، ويستدل به من يستجيز تقديم خبر ليس على ليس، وذلك أنه إذا جاز تقديم معمول خبرها عليها، كان ذلك دليلاً على جواز تقديم خبرها ؛ إذ المعمول تابع للعامل، فلا يقع إلا حيث يقع العامل ) وَحَاقَ بِهِم ( وأحاط بهم ) مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ( العذاب الذي كانوا به يستعجلون. وإنما وضع يستهزئون موضع يستعجلون ؛ لأنّ استعجالهم كان على جهة الاستهزاء. والمعنى : ويحيق بهم إلا أنه جاء على عادة الله في أخباره.
) وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَائِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (
هود :( ٩ - ١١ ) ولئن أذقنا الإنسان.....
) الإِنسَانَ ( للجنس ) رَحْمَةً ( نعمة من صحة وأمن وجدة ) ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ ( ثم سلبنا تلك النعمة ) أَنَّهُ ( شديد اليأس من أن تعود إليه مثل تلك النعمة المسلوبة. قاطع رجاءه من سعة فضل الله من غير صبر ولا تسليم لقضائه ولا استرجاع ) لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ( عظيم الكفران لما سلف له من التقلب في نعمة الله نَسَّاءٌ له ) ذَهَبَ السَّيّئَاتُ عَنّي ( أي المصائب التي ساءتني ) إِنَّهُ لَفَرِحٌ ( أشر بطر ) فَخُورٌ ( على الناس بما أذاقه الله من نعمائه، قد شغله الفرح والفخر عن الشكر ) إِلاَّ الَّذِينَ ( آمنوا، فإنّ عادتهم إن نالتهم رحمة أن يشكروا، وإن زالت عنهم نعمة أن يصبروا.
) فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ (
هود :( ١٢ ) فلعلك تارك بعض.....
كانوا يقترحون عليه آيات تعنتاً لا استرشاداً، لأنهم لو كانوا مسترشدين لكانت آية واحدة مما جاء به كافية في رشادهم. ومن اقتراحاتهم ) لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ ( وكانوا لا يعتدون بالقرآن ويتهاونون به وبغيره مما جاء به من البينات، فكان يضيق صدر رسول الله ( ﷺ ) أن يلقى إليهم ما لا يقبلونه ويضحكون منه، فحرّك الله منه وهيجه لأداء الرسالة وطرح المبالاة بردّهم واستهزائهم واقتراحهم بقوله :) فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ( أي لعلك تترك أن تلقيه إليهم وتبلغه إياهم مخافة ردّهم له وتهاونهم به ) وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ ( بأن تتلوه عليهم ) أَن يَقُولُواْ ( مخافة أن يقولوا :) لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ ( أي هلا أنزل عليه ما اقترحنا نحن من الكنز والملائكة ولم أنزل عليه ما لا نريده ولا نقترحه، ثم قال :) إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ ( أي ليس عليك إلا أن تنذرهم بما أوحي إليك وتبلغهم