" صفحة رقم ٣٦٣ "
ما أمرت بتبليغه، ولا عليك ردّوا أو تهاونوا أو اقترحوا ) وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شَىْء وَكِيلٌ ( يحفظ ما يقولون، وهو فاعل بهم ما يجب أن يفعل، فتوكل عليه، وكل أمرك إليه، وعليك بتبليغ الوحي بقلب فسيح وصدر منشرح، غير ملتفت إلى استكبارهم ولا مبال بسفههم واستهزائهم. فإن قلت : لم عدل عن ضيق إلى ضائق ؟ قلت : ليدل علي أنه ضيق عارض غير ثابت، لأنّ رسول الله ( ﷺ ) كان أفسح الناس صدراً. ومثله قولك : زيد سيد وجواد، تريد السيادة والجود الثابتين المستقرين، فإذا أردت الحدوث قلت : سائد وجائد ونحوه كانوا قوماً عامين في بعض القراءات، وقول السمهري العكلي : بِمَنْزِلَةٍ أَمَّا اللَّئِيمُ فَسَامِن
بِهَا وَكِرَامُ النّاسِ بَادٍ شُحُوبُهَا
) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (
هود :( ١٣ ) أم يقولون افتراه.....
) أم ( منقطعة. والضمير في ) افْتَرَاهُ ( لما يوحى إليك. تحداهم أوّلا بعشر سور، ثم بسورة واحدة، كما يقول المخابر في الخط لصاحبه : اكتب عشرة أسطر نحو ما أكتب، فإذا تبين له العجز عن مثل خطه قال : قد اقتصرت منك على سطر واحد ) مِّثْلِهِ ( بمعنى أمثاله، ذهاباً إلى مماثلة كل واحدة منها له ) مُفْتَرَيَاتٍ ( صفة لعشر سور لما قالوا : افتريت القرآن واختلقته من عئد نفسك وليس من عند الله، قاودهم على دعواهم وأرخى معهم العنان وقال : هبوا أني اختلقته من عند نفسي ولم يوح إلي وأنّ الأمر كما قلتم، فأتوا أنتم أيضاً بكلام مثله مختلق من عند أنفسكم، فأنتم عرب فصحاء مثلي لا تعجزون عن مثل ما أقدر عليه من الكلام. فإن قلت : كيف يكون ما يأتون به مثله، وما يأتون به مفترى وهذا غير مفترى ؟ قلت : معناه مثله في حسن البيان والنظم وإن كان مفترى.
) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَآ أُنزِلِ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ (
هود :( ١٤ ) فإن لم يستجيبوا.....
فإن قلت : ما وجه جمع الخطاب بعد إفراده وهو قوله :) لَكُمْ فَاعْلَمُواْ ( بعد قوله :) قُلْ ( ؟ قلت : معناه فإن لم يستجيبوا لك وللمؤمنين لأنّ رسول الله ( ﷺ ) والمؤمنين كانوا يتحدّونهم، وقد قال في موضع آخر :) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَاعْلَمْ ( ( القصص : ٥٠ ) ويجوز أن يكون الجمع لتعظيم رسول الله ( ﷺ ) كقوله :