" صفحة رقم ٣٧٧ "
تلك المحاسن التي هي اللب وما عداها قشور. وعن قتادة : استقلت بهم السفينة لعشر خلون من رجب، وكانت في الماء خمسين ومائة يوم، واستقرت بهم على الجودي شهراً، وهبط بهم يوم عاشوراء. وروي أنها مرت بالبيت فطافت به سبعاً، وقد أعتقه الله من الفرق. وروي أنّ نوحاً صام يوم الهبوط وأمر من معه فصاموا شكراً لله تعالى.
) وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِى مِنْ أَهْلِى وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (
هود :( ٤٥ ) ونادى نوح ربه.....
نداؤه ربه : دعاؤه له، وهو قوله :) رَبّ ( مع ما بعده من اقتضاء وعده في تنجية أهله. فإن قلت : فإذا كان النداء هو قوله :( رب ) فكيف عطف ( قال رب ) على ( نادى ) بالفاء ؟ قلت : أريد بالنداء إرادة النداء، ولو أريد النداء نفسه لجاء، كما جاء قوله :) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً قَالَ رَبّ ( ( مريم : ٣ ) بغير فاء ) إِنَّ ابُنِى مِنْ أَهْلِى ( أي بعض أهلي، لأنه كان ابنه من صلبه، أو كان ريبياً له فهو بعض أهله ) وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ ( وأن كل وعد تعده فهو الحق الثابت الذي لا شك في إنجازه والوفاء به، وقد وعدتني أن تنجي أهلي، فما بال ولدي ؟ ) وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ( أي أعلم الحكام وأعدلهم ؛ لأنه لا فضل لحاكم على غيره إلا بالعلم والعدل. ورب غريق في الجهل والجور من متقلدي الحكومة في زمانك قد لقب أقضى القضاة، ومعناه أحكم الحاكمين فاعتبر واستعبر ويجوز أن يكون من الحكمة حاكم، على أن يبني من الحكمة بمعنى النسبة كما قيل دارع من الدرع، وحائض وطالق على مذهب الخليل ) إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ( تعليل لانتفاء كونه من أهله. وفيه إيذان بأن قرابة الدين غامرة لقرابة النسب، وأنّ نسيبك في دينك ومعتقدك من الأباعد في المنصب وإن كان