" صفحة رقم ٥١١ "
بينهم وبين الله، بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم ونحوها ) وَيُؤَخّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ( إلى وقت قد سماه الله وبين مقداره، يبلغكموه إن آمنتم، وإلا عاجلكم بالهلاك قبل ذلك الوقت ) إِنْ أَنتُمْ ( ما أنتم ) إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا ( لا فضل بيننا وبينكم، ولا فضل لكم علينا، فلم تخصون بالنبوّة دوننا، ولو أرسل الله إلى البشر رسلاً لجعلهم من جنس أفضل منهم وهم الملائكة ) بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ( بحجة بينة، وقد جاءتهم رسلهم بالبينات والحجج، وإنما أرادوا بالسلطان المبين آية قد اقترحوها تعنتاً ولجاجاً.
) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَاكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (
إبراهيم :( ١١ ) قالت لهم رسلهم.....
) إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ ( تسليم لقولهم، وأنهم بشر مثلهم، يعنون أنهم مثلهم في البشرية وحدها، فأما ما وراء ذلك فما كانوا مثلهم، ولكنهم لم يذكروا فضلهم تواضعاً منهم، واقتصروا على قولهم ) وَلَاكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ ( بالنبوّة، لأنه قد علم أنه لا يختصهم بتلك الكرامة إلا وهم أهل لاختصاصهم بها، لخصائص فيهم قد استؤثروا بها على أبناء جنسهم ) إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ( أرادوا أن الإتيان بالآية التي اقترحتموها ليس إلينا ولا في استطاعتنا، وما هو إلا أمر يتعلق بمشيئة الله ) وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ( أمر منهم للمؤمنين كافة بالتوكل، وقصدوا به أنفسهم قصداً أولياً وأمروها به، كأنهم قالوا : ومن حقنا أن نتوكل على الله في الصبر على معاندتكم ومعاداتكم وما يجري علينا منكم. ألا ترى إلى قوله :) وَمَا لَنَا أَن لا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ ( ومعناه : وأيّ عذر لنا في أن لا نتوكل عليه ) وَقَدْ هَدَانَا ( وقد فعل بنا ما يوجب توكلنا عليه، وهو التوفيق لهداية كل واحد منا سبيله الذي يجب عليه سلوكه في الدين، فإن قلت : كيف كرّر الأمر بالتوكل ؟ قلت : الأول لاستحداث التوكل، وقوله :) فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكّلُونَ ( معناه فليثبت المتوكلون على ما استحدثوا من توكلهم وقصدهم إلى أنفسهم على ما تقدّم.
) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الاٌّ رْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذالِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِى وَخَافَ وَعِيدِ ( ٧ )
إبراهيم :( ١٣ ) وقال الذين كفروا.....


الصفحة التالية
Icon