" صفحة رقم ٥١٤ "
كفروا أعمالهم كرماد، كقولك صفة زيد عرضه مصون وما له مبذول، أو يكون أعمالهم بدلاً من ) مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( على تقدير : مثل أعمالهم، وكرماد : الخبر وقرىء :( الرياح ) ) فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ( جعل العصف لليوم، وهو لما فيه، وهو الريح أو الرياح، كقولك : يوم ماطر وليلة ساكرة. وإنما السكور لريحها وقرىء :( في يوم عاصف )، بالإضافة وأعمال الكفرة المكارم التي كانت لهم، من صلة الأرحام وعتق الرقاب، وفداء الأساري، وعقر الإبل للأضياف، وإغاثة الملهوفين، والإجارة، وغير ذلك من صنائعهم، شبهها في حبوطها وذهابها هباء منثوراً لبنائها على غير أساس من معرفة الله والإيمان به، وكونها لوجهه : برماد طيرته الريح العاصف ) لاَّ يَقْدِرُونَ ( يوم القيامة ) مِمَّا كَسَبُواْ ( من أعمالهم ) عَلَى شَىْء ( أي لا يرون له أثراً من ثواب، كما لا يقدر من الرماد المطير في الريح على شيء ) ذالِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ( إشارة إلى بعد ضلالهم عن طريق الحق أو عن الثواب ) بِالْحَقّ ( بالحكمة والغرض الصحيح والأمر العظيم، ولم يخلقها عبثاً ولا شهوة.
) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذالِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (
إبراهيم :( ١٩ ) ألم تر أن.....
وقرىء :( خالق السموات والأرض ) ) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ( أي هو قادر على أن يعدم الناس ويخلق مكانهم خلقاً آخر على شكلهم أو على خلاف شكلهم، إعلاماً منه باقتداره على إعدام الموجود وإيجاد المعدوم، يقدر على الشيء وجنس ضده ) وَمَا ذالِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ( بمتعذر، بل هو هين عليه يسير، لأنه قادر الذات لا اختصاص له بمقدور دون مقدور، فإذا خلص له الداعي إلى شيء وانتفى الصارف، تكوّن من غير توقف : كتحريك أصبعك إذا دعاك إليه داع ولم يعترض دونه صارف، وهذه الآيات بيان لإبعادهم في الضلال وعظيم خطئهم في الكفر بالله، لوضوح آياته الشاهدة له الدالة على قدرته الباهرة وحكمته البالغة وأنه هو الحقيق بأن يعبد، ويخاف عقابه ويرجي ثوابه في دار الجزاء.
) وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ