" صفحة رقم ٥٢٣ "
) اللَّهُ ( مبتدأ، و ) الَّذِى خَلَقَ ( خبره، و ) مِنَ الثَّمَراتِ ( بيان للرزق، أي : أخرج به رزقاً هو ثمرات. ويجوز أن يكون ) مِنَ الثَّمَراتِ ( مفعول أخرج، و ) رِزْقاً ( حالاً من المفعول، أو نصباً على المصدر من أخرج، لأنه في معنى رزق ) بِأَمْرِهِ ( بقوله كن ) دَائِبَينَ ( يدأبان في سيرهما وإنارتهما ودرئهما الظلمات، وإصلاحهما ما يصلحان من الأرض والأبدان والنبات ) وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ( يتعاقبان خلفة لمعاشكم وسباتكم ) وَاتَاكُم مّن كُلّ مّمَّا سَأَلْتُمُوهُ ( من للتبعيض، أي آتاكم بعض جميع ما سألتموه، نظراً في مصالحكم. وقرىء :( من كلّ ) بالتنوين، وما سألتموه نفي ومحله النصب على الحال أي : آتاكم من جميع ذلك غير سائليه، ويجوز أن تكون ) مَا ( موصولة، على : وآتاكم من كل ذلك ما احتجتم إليه ولم تصلح أَحوالكم ومعايشكم إلا به، فكأنكم سألتموه أو طلبتموه بلسان الحال ) لاَ تُحْصُوهَا ( لا تحصروها ولا تطيقوا عدها وبلوغ آخرها، هذا إذا أرادوا أن يعدوها على الإجمال. وأمّا التفصيل فلا يقدر عليه ولا يعلمه إلا الله ) لَظَلُومٌ ( يظلم النعمة بإغفال شكرها ) كَفَّارٌ ( شديد الكفران لها. وقيل ظلوم في الشدّة يشكو ويجزع، كفار في النعمة يجمع ويمنع. والإنسان للجنس، فيتناول الإخبار بالظلم والكفران من يوجدان منه.
) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَاذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الاٌّ صْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (
إبراهيم :( ٣٥ - ٣٦ ) وإذ قال إبراهيم.....
) هَاذَا الْبَلَدَ ( يعني البلد الحرام، زاده الله أمناً، وكفاه كل باغ وظالم، وأجاب فيه دعوة خليله إبراهيم عليه السلام ) مِنَ ( ذا أمن. فإن قلت : أي فرق بين قوله :) اجْعَلْ هَاذَا بَلَدًا آمِنًا ( ( البقرة : ١٢٦ ) وبين قوله :) اجْعَلْ هَاذَا الْبَلَدَ امِنًا ( ؟ قلت : قد سأل في الأوّل أن يجعله من جملة البلاد التي يأمن أهلها ولا يخافون، وفي الثاني أن يخرجه من صفة كان عليها من الخوف إلى ضدها من الأمن، كأنه قال : هو بلد مخوف، فاجعله آمناً ) وَاجْنُبْنِى ( وقرىء :( وأجنبني )، وفيه ثلاث لغات : جنبه الشر، وجنبه، وأجنبه ؛ فأهل الحجاز يقولون : جنبني شره بالتشديد، وأهل نجد جنبني وأجنبني، والمعنى : ثبتنا وأدمنا على اجتناب عبادتها ) وَبَنِىَّ ( أراد بنيه من صلبه وسئل ابن عيينة : كيف عبدت العرب الأصنام ؟ فقال : ما عبد أحد من ولد إسماعيل صنماً، واحتج بقوله :( واجنبني وبني ) ) أَن نَّعْبُدَ الاْصْنَامَ ( إنما كانت أنصاب حجارة لكل قوم، قالوا : البيت حجر، فحيثما نصبنا حجراً فهو بمنزلة البيت، فكانوا يدورون بذلك الحجر ويسمونه الدوار، فاستحب أن يقال :