" صفحة رقم ٥٣٦ "
عَلَيْهِ الذّكْرُ ( ولذلك قال : إنا نحن، فأكد عليهم أنه هو المنزل على القطع والبتات، وأنه هو الذي بعث به جبريل إلى محمد ( ﷺ ) وبين يديه ومن خلفه رصد، حتى نزل وبلغ محفوظاً من الشياطين وهو حافظه في كل وقت من كل زيادة ونقصان وتحريف وتبدبل، بخلاف الكتب المتقدمة ؛ فإنه لم يتول حفظها. وإنما استحفظها الربانيين والأحبار فاختلفوا فيما بينهم بغيا فكان التحريف ولم يكل القرآن إلى غير حفظه. فإن قلت : فحين كان قوله ) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ ( رداً لإنكارهم واستهزائهم، فكيف اتصل بقوله ) وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( ؟ قلت : قد جعل ذلك دليلاً على أنه منزل من عنده آية ؛ لأنه لو كان من قول البشر أو غير آية لتطرق عليه الزيادة والنقصان كما يتطرق على كل كلام سواه. وقيل : الضمير في ) لَهُ ( لرسول الله ( ﷺ ) كقوله تعالى ) وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ ( ( المائدة : ٦٧ ).
) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى شِيَعِ الاٌّ وَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (
الحجر :( ١٠ - ١١ ) ولقد أرسلنا من.....
) فِى شِيَعِ الاْوَّلِينَ ( في فرقهم وطوائفهم. والشيعة : الفرقة إذا اتفقوا على مذهب وطريقة. ومعنى ارسلناه فيهم : نبأناه فيهم وجعلناه رسولاً فيما بينهم ) وَمَا يَأْتِيهِم ( حكاية حال ماضية، لأنّ ( ما ) لا تدخل على مضارع إلا وهو في معنى الحال، ولا على ماض إلا وهو قريب من الحال.
) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِى قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الاٌّ وَّلِينَ (
الحجر :( ١٢ ) كذلك نسلكه في.....
يقال : سلكت الخيط في الإبرة، وأسلكته إذا أدخلته فيها ونظمته. وقرىء :( نسلكه )، والضمير للذكر، أي : مثل ذلك السلك، ونحوه : نسلك الذكر في ) قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ( على معنى أنه يلقيه في قلوبهم مكذباً مستهزءاً به غير مقبول، كما لو أنزلت بلئيم حاجة