" صفحة رقم ٥٦ "
لا يؤمنون إلا أن يضطّرهم فيطمعون في إيمانهم إذا جاءت الآية المقترحة.
) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِىٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (
الأنعام :( ١١٢ ) وكذلك جعلنا لكل.....
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً ( وكما خلينا ببينك وبين أعدائك، وكذلك فعلنا بمن قبلك من الأنبياء وأعدائهم، لم نمنعهم من العدواة، لما فيه من الامتحان الذي هو سبب ظهور الثبات والصبر، وكثر الثواب والأجر. وانتصب ) شَيَاطِينَ ( على البدل من عدوّاً. أو على أنهما مفعولان كقوله ) وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ ( ( الأنعام : ١٠٠ ) ) يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ( يوسوس شياطين الجنّ إلى شياطين الإنس. وكذلك بعض الجنّ إلى بعض وبعض الإنس إلى بعض. وعن مالك ابن دينار : إن شيطان الإنس أشدّ عليّ من شيطان الجنّ، لأني إذا تعوّذت بالله ذهب شيطان الجنّ عني، وشيطان الأنس يجيئني فيجرّني إلى المعاصي عياناً ) زُخْرُفَ الْقَوْلِ ( ما يزينه من القول والوسوسة والإغراء على المعاصي ويموّهه ) غُرُوراً ( خدعاً وأخذاً على غرّة ) وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ( ما فعلوا ذلك، أي ما عادوك، أو ما أوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول بأن يكفهم ولا يخليهم وشأنهم.
) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاٌّ خِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (
الأنعام :( ١١٣ ) ولتصغى إليه أفئدة.....
وَلِتَصْغَى ( جوابه محذوف تقديره : وليكون ذلك جعلنا لكل نبيّ عدوّاً، على أن اللام لام الصيرورة وتحقيقها ما ذكر. والضمير في ) إِلَيْهِ ( يرجع إلى ما رجع إليه الضمير في فعلوه، أي ولتميل إلى ما ذكر من عداوة الأنبياء ووسوسة الشياطين ) أَفْئِدَةُ ( الكفار ) وَلِيَرْضَوْهُ ( لأنفسهم ) وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ( من الأثام.
) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِى حَكَماً وَهُوَ الَّذِى أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ( ٧ )
الأنعام :( ١١٤ ) أفغير الله أبتغي.....
) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِى حَكَماً ( على إرادة القول، أي قل يا محمد : أفغير الله أطلب حاكماً يحكم بيني وبينكم، ويفصل المحق منا من المبطل ) هُوَ الَّذِى أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ ( المعجز ) مُفَصَّلاً ( مبيناً فيه الفصل بين الحق والباطل، والشهادة لي بالصدق وعليكم بالافتراء. ثم عضد الدلالة على أنّ القرآن حق بعلم أهل الكتاب أنه حق لتصديقه ما عندهم وموافقته له ) فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ( من باب التهييج والإلهاب، كقوله تعالى :) وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ ( ( الأنعام : ١٤ ) أو ) فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ( في أنّ أهل الكتاب يعلمون أنه منزل بالحق، ولا يريبك جحود أكثرهم وكفرهم به. ويجوز أن يكون ) فَلاَ تَكُونَنَّ ( خطاباً لكل أحد، على معنى أنه إذا تعاضدت الأدلة على صحته وصدقه، فما ينبغي


الصفحة التالية
Icon