" صفحة رقم ٦٠٦ "
وعن أنس والحسن أنه كان قبل البعث واختلف في أنه كان في اليقظة أم في المنام فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ( والله ما فقد جسد رسول الله ( ﷺ ) ولكن عرج بروحه ) وعن معاوية : إنما عرج بروحه. وعن الحسن. كان في المنام رؤيا رآها. وأكثر الأقاويل بخلاف ذلك. والمسجد الأقصى : بيت المقدس، لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد ) بَارَكْنَا حَوْلَهُ ( يريد بركات الدين والدنيا، لأنه متعبد الأنبياء من وقت موسى ومهبط الوحي، وهو محفوف بالأنهار الجارية والأشجار المثمرة. وقرأ الحسن :( ليريه ) بالياء، ولقد تصرف الكلام على لفظ الغائب والمتكلم فقيل : أسرى به ثم باركنا ليريه، على قراءة الحسن، ثم من آياتنا، ثم إنه هو، وهي طريقة الالتفات التي هي من طرق البلاغة ) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ ( لأقوال محمد ) البَصِيرُ ( بأفعاله، العالم بتهذبها وخلوصها، فيكرمه ويقرّبه على حسب ذلك.
) وَءَاتَيْنَآ مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِى إِسْرَاءِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (
الإسراء :( ٢ ) وآتينا موسى الكتاب.....
) أَلاَّ تَتَّخِذُواْ ( قرىء بالياء على :( لئلا يتخذوا )، وبالتاء على : أي ( لا تتخذوا ) كقولك : كتبت إليه أن أفعل كذا ) وَكِيلاً ( ربا تكلون إليه أموركم ) ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا ( نصب على الاختصاص. وقيل : على النداء فيمن قرأ ( لا تتخذوا ) بالتاء على النهي، يعني : قلنا لهم لا تتخذوا من دوني وكيلا يا ذرية من حملنا ) مَعَ نُوحٍ ( وقد يجعل ) وَكِيلاً ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا ( مفعولي تتخذوا، أي لا تجعلوهم أرباباً كقوله ) وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيّيْنَ أَرْبَابًا ( ومن ذرية المحمولين مع نوح عيسى وعزير عليهم السلام وقرىء :( ذرية من حملنا ) بالرفع بدلا من واو ) تَتَّخِذُواْ ( وقرأ زيد بن ثابت :( ذِرية )، بكسر الذال. وروي عنه أنه قد فسرها بولد الولد، ذكرهم الله النعمة في إنجاء آبائهم من الغرق ) أَنَّهُ ( إن نوحاً ) كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ( قيل : كان إذا أكل قال : الحمد لله الذي أطعمني، ولو شاء أجاعني. وإذا شرب قال : الحمد لله الذي سقاني، ولو شاء أظمأني. وإذا اكتسى قال : الحمد لله الذي كساني، ولو شاء أعراني. وإذا احتذى قال : الحمد لله الذي حذاني، ولو شاء أحفاني. وإذا قضى حاجته قال : الحمد لله الذي أخرج عني أذاه في عافية، ولو شاء حبسه. وروي أنه كان إذا أراد الإفطار عرض طعامه على من آمن به، فإن وجده محتاجاً آثره به. فإن قلت : قوله إنه كان عبداً شكوراً ما وجه ملاءمته لما قبله ؟ قلت : كأنه قيل : لا تتخذوا من دوني وكيلاً، ولا تشركوا بي، لأنّ نوحاً عليه السلام كان عبداً شكوراً، وأنتم ذرية من آمن به وحمل معه، فاجعلوه أسوتكم كما جعله آباؤكم أسوتهم. ويجوز أن يكون تعليلاً