" صفحة رقم ١١ "
النصارى اتخذت المشرق قبله لانتباذ مريم مكاناً شرقياً الروح : جبريل، لأنّ الدين يحيا به وبوحيه. أو سماه الله روحه على المجاز محبة له وتقريباً، كما تقول لحبيبك : أنت روحي. وقرأ أبو حيوة :( رَوْحنا ) بالفتح ؛ لأنه سبب لما فيه رَوح العباد، وإصابة الرَّوح عند الله الذي هو عدّة المقرّبين في قوله :) فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ ( ( الواقعة : ٨٩ ) أو لأنه من المقرّبين وهم الموعودون بالروح، أي مقرّبنا وذا روحنا.
) قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً (
مريم :( ١٨ ) قالت إني أعوذ.....
أرادت إن كان يرجى منك أن تتقي الله وتخشاه وتحفل بالاستعاذة، فإني عائذة به منك كقوله تعالى :) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (.
) قَالَ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لاًّهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً (
مريم :( ١٩ ) قال إنما أنا.....
أي إنما أنا رسول من استعذت به ) لاِهَبَ لَكِ ( لأكون سبباً في هبة الغلام بالنفخ في الدرع. وفي بعض المصاحف : إنما أنا رسول ربك أمرني أن أهب لك. أو هي حكاية لقول الله تعالى.
) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً قَالَ كَذالِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ ءَايَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً (
مريم :( ٢٠ ) قالت أنى يكون.....
جعل المسّ عبارة عن النكاح الحلال، لأنه كناية عنه، كقوله تعالى :) مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ( ( البقرة : ٢٣٧ ) ) أَوْ لَامَسْتُمُ النّسَاء ( ( النساء : ٤٣ ) والزنا ليس كذلك، إنما يقال فيه : فجربها وخبث بها وما أشبه ذلك، وليس بقمن أن تراعى فيه الكنايات والآداب. والبغيّ : الفاجرة التي تبغي الرجال، وهي فعول عند المبرد ( بغوي ) فأدغمت الواو في الياء. وقال ابن جنى في كتاب التمام : هي فعيل، ولو كانت فعولاً لقيل :( بغوّ ) كما قيل : فلان نهوّ عن المنكر ) وَلِنَجْعَلَهُ ءايَةً ( تعليل معلله محذوف أي : ولنجعله آية للناس فعلنا ذلك. أو هو معطوف على تعليل مضمر، أي لنبين به قدرتنا ولنجعله آية. ونحوه :) وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاواتِ وَالاْرْضَ بِالْحَقّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ( ( الجاثية : ٢٢ ) وقوله :) وَكَذالِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الاْرْضِ وَلِنُعَلّمَهُ ( ( يوسف : ٢١ ). ) مَّقْضِيّاً ( مقدراً مسطوراً في اللوح لا بدّ لك من جريه عليه. أو كان أمراً حقيقاً بأن يكون ويقضي لكونه آية ورحمة. والمراد بالآية : العبرة والبرهان على قدرة الله. وبالرحمة : الشرائع


الصفحة التالية
Icon