" صفحة رقم ١٣٤ "
) أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ( إحصاناً كلياً من الحلال والحرام جميعاً كما قالت :) وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً ( ( مريم : ٢٠ ). فإن قلت : نفخ الروح في الجسد عبارة عن إحيائه. قال الله تعالى :) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى ( ( الحجر : ٢٩ ) أي أحييته. وإذا ثبت ذلك كان قوله :) فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا ( ظاهر الإشكال ؛ لأنه يدل على إحياء مريم قلت : معناه نفخنا الروح في عيسى فيها، أي : أحييناه في جوفها. ونحو ذلك أن يقول الزمار : نفخت في بيت فلان، أي : نفخت في المزمار في بيته. ويجوز أن يراد : وفعلنا النفخ في مريم من جهة روحنا وهو جبريل عليه السلام ؛ لأنه نفخ في جيب درعها فوصل النفخ إلى جوفها. فإن قلت : هلا قيل آيتين كما قال :) وَجَعَلْنَا الَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءايَتَيْنِ ( ( الإسراء : ١٢ ) ؟ قلت : لأن حالهما بمجموعهما آية واحدة، وهي ولادتها إياه من غير فحل.
) إِنَّ هَاذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (
الأنبياء :( ٩٢ ) إن هذه أمتكم.....
الأمّة : الملة، و ) هَاذِهِ ( إشارة إلى ملة الإسلام، أي : إن ملة الإسلام هي ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها لا تنحرفون عنها، يشارإليها ملة واحدة غير مختلفة ) وَأَنَا ( إلهكم إله واحد ) فَاعْبُدُونِ ( ونصب الحسن أمّتكم على البدل من هذه، ورفع أمّة خبراً. وعنه رفعهما جميعاً خبرين لهذه. أو نوى للثاني مبتدأ، والخطاب للناس كافة.
) وَتَقَطَّعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (
الأنبياء :( ٩٣ ) وتقطعوا أمرهم بينهم.....
والأصل : وتقطعتم، إلا أن الكلام حرف إلى الغيبة على طريقة الالتفات، كأنه ينعي عليهم ما أفسدوه إلى آخرين ويقبح عندهم فعلهم، ويقول لهم : ألا ترون إلى عظيم ما ارتكب هؤلاء في دين الله. والمعنى : جعلوا أمر دينهم فيما بينهم قطعاً، كما يتوزع


الصفحة التالية
Icon