" صفحة رقم ١٤٤ "
بسكارى على التحقيق ولكن ما رهقهم من خوف عذاب الله هو الذي أذهب عقولهم وطير تمييزهم وردّهم في نحو حال من يذهب السكر بعقله وتمييزه. وقيل : وتراهم سكارى من الخوف، وما هم بسكارى من الشراب. فإن قلت : لم قيل أوّلا : ترون، ثم قيل : ترى، على الإفراد ؟ قلت لأنّ الرؤية أوّلا علقت بالزلزلة فجعل الناس جميعاً رائين لها، وهي معلقة أخيراً بكون الناس على حال السكر، فلا بد أن يجعل كل واحد منهم رائياً لسائرهم.
) وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (
الحج :( ٣ - ٤ ) ومن الناس من.....
قيل : نزلت في النضر بن الحارث، وكان جدلاً يقول : الملائكة بنات الله، والقرآن أساطير الأولين، والله غير قادر على إحياء من بلي وصار تراباً. وهي عامة في كل من تعاطى الجدال فيما يجوز على الله وما لا يجوز من الصفات والأفعال، ولا يرجع إلى علم ولا يعضّ فيه بضرس قاطع، وليس فيه اتباع للبرهان ولا نزول على النصفة، فهو يخبط خبط عشواء، غير فارق بين الحق والباطل ) وَيَتَّبِعْ ( في ذلك خطوات ) كُلّ شَيْطَانٍ ( عات، علم من حاله وظهر وتبين أنه من جعله ولياً له لم تثمر له ولايته إلا الإضلال عن طريق الجنة والهداية إلى النار. وما أرى رؤساء أهل الأهواء والبدع والحشوية المتلقبين بالإمامة في دين الله إلا داخلين تحت كل هذا دخولاً أولياً، بل هم أشدّ الشياطين إضلالاً وأقطعهم لطريق الحق، حيث دوّنوا الضلال تدوينا ولقنوه أشياعهم تلقينا، وكأنهم ساطوه بلحومهم ودمائهم، وإياهم عني من قال : وَيَا رُبَّ مَقْفُوِّ الْخُطَا بَيْنَ قَوْمِه
طَرِيقُ نَجَاةٍ عِنْدَهُمْ مُسْتَوٍ نَهْج
وَلَوْ فَرَؤُا في اللَّوْحِ مَا خُطَّ فِيهِ مِن
بَيَانِ اعْوِجَاجٍ في طَرِيقَتِهِ عَجُّوا
اللهم ثبتنا على المعتقد الصحيح الذي رضيته لملائكتك في سمواتك، وأنبيائك في أرضك، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. والكتبة عليه مثل، أي : كأنما كتب


الصفحة التالية
Icon