" صفحة رقم ١٤٥ "
إضلال من يتولاه عليه ورقم به لظهور ذلك في حاله. وقرىء ( أنه ) فأنه بالفتح والكسر فمن فتح فلأن الأول فاعل كتب، والثاني عطف عليه. ومن كسر فعلى حكاية المكتوب كما هو، كأنما كتب عليه هذا الكلام، كما تقول : كتبت : إنّ الله هو الغني الحميد. أو على تقدير : قيل أو على أن كتب فيه معنى القول.
) ياأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِى الاٌّ رْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الاٌّ رْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (
الحج :( ٥ ) يا أيها الناس.....
قرأ الحسن ) مّنَ الْبَعْثِ ( بالتحريك ونظيره : الجلب والطرد، في الجلب والطرد، كأنه قيل : إن ارتبتم في البعث فمزيل ريبكم أن تنظروا في بدء خلقكم. والعلقة : قطعة الدم الجامدة. والمضغة : اللحمة الصغيرة قدر ما يمضغ. والمخلقة : المسواة الملساء من النقصان والعيب. يقال : خلق السواك والعود، إذا سواه وملسه، من قولهم : صخرة خلقاء، وإذا كانت ملساء، كأنّ الله تعالى يخلق المضغ متفاوتة : منها ما هو كامل الخلقة أملس من العيوب، ومنها ما هو على عكس ذلك فيتبع ذلك التفاوت تفاوت الناس في خلقهم وصورهم وطولهم وقصرهم، وتمامهم ونقصانهم. وإنما نقلناكم من حال إلى حال ومن خلقة إلى خلقة ) لّنُبَيّنَ لَكُمْ ( بهذا التدريج قدرتنا وحكمتنا وأن من قدر على خلق البشر من تراب أولاً، ثم من نطفة ثانياً ولا تناسب بين الماء والتراب وقدر على أن يجعل النطفة علقة وبينهما تباين ظاهر، ثم يجعل العلقة مضغة والمضغة عظاماً : قدر على إعادة ما أبدأه، بل هذا أدخل في القدرة من تلك، وأهون في القياس. وورود الفعل غير معدي إلى المبين : إعلام بأن أفعاله هذه يتبين بها من قدرته وعلمه ما لا يكتنهه الذكر ولا يحيط به الوصف وقرأ ابن أبي عبلة : ليبين لكم. ويقرّ، بالياء وقرىء ( ونقرّ ) ونخرجكم، بالنون والنصب ويقرّ، ويخرجكم، ويقرّ، ويخرجكم : بالنصب والرفع. وعن يعقوب : يقرّ بالنون وضم القاف، من قرّ الماء إذا صبه ؛ فالقراءة بالرفع إخبار بأنه يقُرّ ) فِى الاْرْحَامِ مَا يَشَاء ( أن يقرّه من ذلك ) إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ( وهو وقت الوضع آخر ستة أشهر، أو تسعة، أو سنتين، أو أربع، أو كما شاء وقدّر. وما لم يشأ إقراره مجته الأرحام أو أسقطته. والقراءة بالنصب : تعليل معطوف على تعليل. ومعناه : خلقناكم مدرجين هذا التدريج لغرضين، أحدهما : أن نبين قدرتنا. والثاني : أن نقر في الأرحام