" صفحة رقم ١٧٩ "
جوارحه ) ونظر الحسن إلى رجل يعبث بالحصا وهو يقول : اللَّهم زوّجني الحور العين، فقال : بئس الخاطب أنتا تخطب وأنت تعبث. فإن قلت : لم أضيفت الصلاة إليهم ؟ قلت : لأنّ الصلاة دائرة بين المصلي والمصلى له، فالمصلي هو المنتفع بها وحده، وهي عدّته وذخيرته فهي صلاته : وأمّا المصلى له، فغنيّ متعال عن الحاجة إليها والانتفاع بها.
) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ (
المؤمنون :( ٣ ) والذين هم عن.....
اللغو : ما لا يعنيك من قول أو فعل، كاللعب والهزل وما توجب المروءة إلغاءه وإطراحه يعني أنّ بهم من الجدّ ما يشغلهم عن الهزل.
لما وصفهم بالخشوع في الصلاة، أتبعه الوصف بالإعراض عن اللغو، ليجمع لهم الفعل والترك الشاقين على الأنفس اللذين هما قاعدتا بناء التكليف.
) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَواةِ فَاعِلُونَ (
المؤمنون :( ٤ ) والذين هم للزكاة.....
الزكاة اسم مشترك بين عين ومعنى، فالعين : القدر الذي يخرجه المزكي من النصاب إلى الفقير والمعنى : فهل المزكي الذي هو التزكية، وهو الذي أراده الله، فجعل المزكين فاعلين له ولا يسوغ فيه غيره، لأنه ما من مصدر إلا يعبر عن معناه بالفعل ويقال لمحدثه فاعل، تقول للضارب : فاعل الضرب، وللقاتل : فاعل القتل، وللمزكي : فاعل التزكية. وعلى هذا الكلام كله والتحقيق فيه أنك تقول في جميع الحوادث : من فاعل هذا ؟ فيقال لك : فاعله الله أو بعض الخلق. ولم يمتنع الزكاة الدالة على العين أن يتعلق بها فاعلون، لخروجها من صحة أن يتناولها الفاعل، ولكن لأنّ الخلق ليسوا بفاعليها. وقد أنشد لأمية ابن أبي الصلت : الْمُطْمِعُونَ الطَّعَامَ فِي السَّنَة
الأَزْمَةِ وَالْفَاعِلُونَ لِلزَّكَوَاتِ