" صفحة رقم ٢٢١ "
من قرأ أربع أن ينتصب ؛ لأنه في حكم المصدر والعامل فيه المصدر الذي هو ) فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ ( وهي مبتدأ محذوف الخبر، تقديره : فواجب شهادة أحدهم أربع شهادات بالله. وقرىء أن لعنة الله، وأن غضب الله : على تخفيف أن ورفع ما بعدها. وقرىء :( أن غضب الله ) على فعل الغضب. وقرىء : بنصب الخامستين، على معنى : وتشهد الخامسة. فإن قلت : لم خصت الملاعنة بأن تخمس بغضب الله ؟ قلت : تغليظاً عليها ؛ لأنها هي أصل الفجور ومنبعه بخلابتها وإطماعها، ولذلك كانت مقدّمة في آية الجلد. ويشهد لذلك قوله ( ﷺ ) لخولة ( فالرجمُ أهونُ عليكِ من غضبِ اللَّهِ ).
) وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (
النور :( ١٠ ) ولولا فضل الله.....
الفضل : التفضل، وجواب ( لولا ) متروك، وتركه دال على أمر عظيم لا يكتنه، ورب مسكوت عنه أبلغ من منطوق به.
) إِنَّ الَّذِينَ جَآءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (
النور :( ١١ ) إن الذين جاؤوا.....
الإفك : أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء. وقيل : هو البهتان لا تشعر به حتى يفجأك. وأصله : الافك، وهو القلب ؛ لأنه قول مأفوك عن وجهه. والمراد : ما أُفك به على عائشة رضي الله عنها. والعصبة : الجماعة من العشرة إلى الأربعين، وكذلك العصابة. واعصو صبوا : اجتمعوا، وهم عبد الله بن أبيّ رأس النفاق، وزيد بن رفاعة، وحسان بن ثابت، ومسطح ابن أثاثة، وحمنة بنت جحش، ومن ساعدهم. وقرىء :( كبره ) بالضم والكسر، وهو عِظَمه. والذي تولاه عبد الله، لإمعانه في عداوة رسول الله ( ﷺ )، وانتهازه الفرص، وطلبه سبيلاً إلى الغميزة.
أي يصيب كل خائض في حديث الإفك من تلك العصبة نصيبه من الإثم على مقدار خوضه. والعذاب العظيم لعبد الله، لأنّ معظم الشرّ كان منه. يحكى أن صفوان رضي الله عنه مرّ بهودجها عليه وهو في ملأ من قومه فقال : من هذه ؟ فقالوا : عائشة رضي الله عنها، فقال : والله ما نجت منه ولا نجا منها، وقال : امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقودها. والخطاب في قوله :) هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ( لمن ساءه ذلك من المؤمنين، وخاصة رسول الله ( ﷺ )، وأبي بكر، وعائشة، وصفوان بن المعطل رضي