" صفحة رقم ٢٢٢ "
الله عنهم. ومعنى كونه خيراً لهم : أنهم اكتسبوا فيه الثواب العظيم ؛ لأنه كان بلاء مبيناً ومحنة ظاهرة، وأنه نزلت فيه ثماني عشرة آية كل واحدة منها مستقلة بما هو تعظيم لشأن رسول الله ( ﷺ )، وتسلية له، وتنزيه لأم المؤمنين رضوان الله عليها، وتطهير لأهل البيت، وتهويل لمن تكلم في ذلك أو سمع به فلم تمجه أذناه، وعدة ألطاف للسامعين والتالين إلى يوم القيامة، وفوائد دينية، وأحكام وآداب لا تخفى على متأمليها.
) لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَاذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ (
النور :( ١٢ ) لولا إذ سمعتموه.....
) بِأَنفُسِهِمْ ( أي بالذين منهم من المؤمنين والمؤمنات، كقوله :) وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ ( ( الحجرات : ١١ ) وذلك نحو ما يروى أن أبا أيوب الأنصاري قال لأم أيوب : ألا ترين ما يقال ؟ فقال : لو كنت بدل صفوان أكنت تظنّ بحرمة رسول الله ( ﷺ ) سوءاً ؟ قال : لا. قالت : ولو كنت أنا بدل عائشة رضي الله عنها ما خنت رسول الله ( ﷺ )، فعائشة خير مني، وصفوان خير منك. فإن قلت : هلا قيل : لولا إذ سمعتموه ظننتم بإنفسكم خيراً وقلتم ؟ ولم عدل عن الخطاب إلى الغيبة، وعن الضمير إلى الظاهر ؟ قلت : ليبالغ في التوبيخ بطريقة الالتفات، وليصرح بلفظ الإيمان، دلالة على أن الاشتراك فيه مقتض أن لا يصدّق مؤمن على أخيه ولا مؤمنة على أختها قول غائب ولا طاعن. وفيه تنبيه على أن حق المؤمن إذا سمع قالة في أخيه، أن يبني الأمر فيها على الظنّ لا على الشك. وأن يقول بملء فيه بناء على ظنّه بالمؤمن الخير :) هَاذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ ( هكذا بلفظ المصرح ببراءة ساحته، كما يقول المستيقن المطلع على حقيقة الحال. وهذا من الأدب


الصفحة التالية
Icon