" صفحة رقم ٣١٦ "
) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِىَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ (.
الشعراء :( ٣٢ ) فألقى عصاه فإذا.....
) ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ( ظاهر الثعبانية، لا شيء يشبه الثعبان، كما تكون الأشياء المزوّرة بالشعوذة والسحر. وروي أنها انقلبت حية ارتفعت في السماء قدر ميل، ثم انحطت مقبلة إلى فرعون، وجعلت تقول : يا موسى، مرني بما شئت. ويقول فرعون : أسألك بالذي أرسلك إلا أخذتها، فأخذها فعادت عصا ) لِلنَّاظِرِينَ ( دليل على أن بياضها كان شيئاً يجتمع النظارة على النظر إليه، لخروجه عن العادة، وكان بياضاً نورياً. روى أنّ فرعون لما أبصر الآية الأولى قال : فهل غيرها ؟ فأخرج يده فقال له : ما هذه ؟ قال : يدك فما فيها ؟ فأدخلها في إبطه ثم نزعها ولها شعاع يكاد يغشى الأبصار ويسدّ الأفق.
) قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَاذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (
الشعراء :( ٣٤ ) قال للملإ حوله.....
فإن قلت ما العامل في ) حَوْلَهُ ( ؟ قلت : هو منصوب نصبين : نصب في اللفظ، ونصب في المحل ؛ فالعامل في النصب اللفظي ما يقدر في الظرف، والعامل في النصب المحلي وهو النصب على الحال : قال : ولقد تحير فرعون لما أبصر الآيتين، وبقي لا يدري أي طرفيه أطول، حتى ذلّ عنه ذكر دعوى الإلهية، وحط عن منكبيه كبرياء الربوبية، وارتعدت فرائصه، وانتفخ سحره خوفاً وفرقاً ؛ وبلغت به الاستكانة لقومه الذين هم بزعمه عبيده وهو إلههم : أن طفق يؤامرهم ويعترف لهم بما حذر منه وتوقعه وأحسّ به من جهة موسى عليه السلام وغلبته على ملكه وأرضه، وقوله :) إِنَّ هَاذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ( قول باهت إذا غلب ومتمحل إذا ألزم ) تَأْمُرُونَ ( من المؤامرة وهي المشاورة. أو من الأمر الذي هو ضدّ النهي : جعل العبيد آمرين وربهم مأموراً لما استولى عليه من فرط الدهش والحيرة. وماذا منصوب : إما لكونه في معنى المصدر، وإما لأنه مفعول به من قوله : أمرتك الخير.
) قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِى الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (
الشعراء :( ٣٦ ) قالوا أرجه وأخاه.....
قرىء :( أرجئه وأرجه ) : بالهمز والتخفيف، وهما لغتان. يقال : أرجأته وأرجيته، إذا أخرته. ومنه : المرجئة، وهم الذين لا يقطعون بوعيد الفساق ويقولون : هم