" صفحة رقم ٣٢٥ "
ومشاربه وغير ذلك. ومن ثم قالت الحكماء : لو قبل لأكثر الموتى : ما سبب آجالكم ؟ لقالوا : التخم. وقرىء :( خطاياي )، والمراد : ما يندر منه من بعض الصغائر ؛ لأنّ الأنبياء معصومون مختارون على العالمين. وقيل : هي قوله :) إِنّى سَقِيمٌ ( ( الصافات : ٨٩ ) وقوله :) بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ ( ( الأنبياء : ٦٣ ) وقوله لسارّة : هي أختي. وما هي إلا معاريض كلام، وتخييلات للكفرة، وليست بخطايا يطلب لها الاستغفار. فإن قلت : إذا لم يندر منهم إلا الصغائر وهي تقع مكفرة، فما له أثبت لنفسه خطيئة أو خطايا وطمع أن تغفر له ؟ قلت : الجواب ما سبق لي : أن استغفار الأنبياء تواضع منهم لربهم، وهضم لأنفسهم، ويدل عليه قوله :) أَطْمَعُ ( ولم يجزم القول بالمغفرة. وفيه تعليم لأممهم، وليكون لطفاً لهم في اجتناب المعاصي والحذر منها، وطلب المغفرة مما يفرط منهم. فإن قلت : لم علق مغفرة الخطيئة بيوم الدين، وإنما تغفر في الدنيا ؟ قلت : لأنّ أثرها يتبين يومئذٍ وهو الآن خفي لا يعلم.
) رَبِّ هَبْ لِى حُكْماً وَأَلْحِقْنِى بِالصَّالِحِينَ وَاجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الاٌّ خِرِينَ وَاجْعَلْنِى مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وَاغْفِرْ لاًّبِى إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّآلِّينَ وَلاَ تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (
الشعراء :( ٨٣ ) رب هب لي.....
الحكم : الحكمة، أو الحكم بين الناس بالحق. وقيل : النبوّة ؛ لأنّ النبي ذو حكمة وذو حكم بين عباد الله. والإلحاق بالصالحين : أن يوفقه لعمل ينتظم به في جملتهم، أو يجمع بينه وبينهم في الجنة. ولقد أجابه حيث قال :) وَإِنَّهُ فِى الاْخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ( ( البقرة : ١٣٠ )، ( النحل : ١٢٢ )، ( العنكبوت : ٢٧ ). والإخزاء : من الخزي وهو الهوان. ومن الخزاية وهي الحياء. وهذا أيضاً من نحو استغفارهم مما علموا أنه مغفور وفي ) يُبْعَثُونَ ( ضمير العباد، لأنه معلوم. أو ضمير الضالين. وأن يجعل من جملة الاستغفار لأبيه، يعني : ولا تخزني يوم يبعث الضالون وأبي فيهم ) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ ( إلا حال من أتى الله ) بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ( وهو من قولهم : تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ ;
وما ثوابه إلا السيف. وبيانه أن يقال لك : هل لزيد مال وبنون ؟ فتقول : ماله


الصفحة التالية
Icon