" صفحة رقم ٣٣٢ "
الأوّلين وتخرّصهم، كما قالوا : أساطير الأَوّلين. أو ما خلقنا هذا إلا خلق القرون الخالية، نحيا كما حيوا، ونموت كما ماتوا، ولا بعث ولا حساب. ومن قرأ :( خلق )، بضمتين، وبواحدة، فمعناه. ما هذا الذي نحن عليه من الدين إلا خلق الأولين وعادتهم، كانوا يدينونه ويعتقدونه، ونحن بهم مقتدون. أو ما هذا الذي نحن عليه من الحياة والموت الإعادة لم يزل عليها الناس في قديم الدهر أو ما هذا الذي جئت به من الكذب إلا عادة الأولين، كانوا يلفقون مثله ويسطرونه.
) كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتُتْرَكُونَ فِى مَا هَاهُنَآ ءَامِنِينَ فِى جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلاَ تُطِيعُواْ أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِى الاٌّ رْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ (
الشعراء :( ١٤١ ) كذبت ثمود المرسلين
) أَتُتْرَكُونَ ( يجوز أن يكون إنكاراً لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم لا يزالون عنه، وأن يكون تذكيراً بالنعمة في تخلية الله إياهم وما يتنعمون فيه من الجنات وغير ذلك، مع الأمن والدّعة ) فِى مَا هَاهُنَا ( في الذي استقر في هذا المكان من النعيم، ثم فسره بقوله :) فِى جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( وهذا أيضاً إجمال ثم تفصيل. فإن قلت : لم قال ) وَنَخْلٍ ( بعد قوله : في جنات، والجنة تتناول النخل أوّل شيء كما يتناول النعم الإبل كذلك من بين الأزواج، حتى أنهم ليذكرون الجنة ولا يقصدون إلا النخيل ؛ كما يذكرون النعم ولا يريدون إلا الإبل. قال زهير :.... تَسْقِي جَنَّةً سَحَقَا ;
قلت : فيه وجهان : أن يخص النخل بإفراده بعد دخوله في جملة سائر الشجر ؛ تنبيهاً على انفراده عنها بفضله عليها، وأن يريد بالجنات : غيرها من الشجر ؛ لأن اللفظ يصلح لذلك، ثم يعطف عليها النخل. الطلعة : هي التي تطلع من النخلة، كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو. والقنو : اسم للخارج من الجذع كما هو بعرجونه وشماريخه. والهضيم : اللطيف الضامر، من قولهم : كشح هضيم، وطلع إناث النخل فيه لطف، وفي طلع الفحاحيل جفاء، وكذلك طلع البرني ألطف من لطع اللون، فذكرهم نعمة الله