" صفحة رقم ٣٧١ "
بما تزادون ويهدي إليكم، لأن ذلك مبلغ همتكم وحالي خلاف حالكم ؛ وما أرضى منكم بشيء ولا أفرح به إلا بالإيمان وترك المجوسية. فإن قلت : ما الفرق بين قولك : أتمدني بمال وأنا أغنى منك، وبين أن تقوله بالفاء ؟ قلت : إذا قلته بالواو، فقد جعلت مخاطبي عالماً بزيادتي عليه في الغنى واليسار، وهو مع ذلك يمدني بالمال. وإذا قلته بالفاء، فقد جعلته ممن خفيت عليه حالي، فأنا أخبره الساعة بما لا أحتاج معه إلى إمداده، كأني أقول له : أنكر عليك ما فعلت، فإني غني عنه. وعليه ورد قوله :) فَمَا ءاتَانِى اللَّهُ (. فإن قلت : فما وجه الإضراب ؟ قلت : لما أنكر عليهم الإمداد وعلل إنكاره، أضرب عن ذلك إلى بيان السبب الذي حملهم عليه : وهو أنهم لا يعرفون سبب رضا ولا فرح ؛ إلا أن يهدي إليهم حظ من الدنيا التي لا يعلمون غيرها. ويجوز أن تجعل الهدية مضافة إلى المهدي، ويكون المعنى : بل أنتم بهديتكم هذه التي أهديتموها تفرحون فرح افتخار على الملوك، بأنكم قدرتم على إهداء مثلها. ويحتمل أن يكون عبارة عن الردّ، كأنه قال : بل أنتم من حقكم أن تأخذوا هديتكم وتفرحوا بها.
) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (
النمل :( ٣٧ ) ارجع إليهم فلنأتينهم.....
) اْرجِعِ ( خطاب للرسول. وقيل : للهدهد محملاً كتاباً آخر ) لاَّ قِبَلَ ( لا طاقة. وحقيقة القبل : المقاومة والمقابلة، أي : لا يقدرون أن يقابلوهم. وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه : لا قبل لهم بهم. الضمير في منها لسبأ. والذل : أن يذهب عنهم ما كانوا فيه من العزّ والملك. والصغار : أن يقعوا في أسر واستعباد، ولا يقتصر بهم على أن يرجعوا سوقة بعد أن كانوا ملوكاً.
) قَالَ ياأَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِى مُسْلِمِينَ (
النمل :( ٣٨ ) قال يا أيها.....
يروي : أنها أمرت عند خروجها إلى سليمان عليه السلام، فجعل عرشها في آخر سبعة أبيات بعضها في بعض في آخر قصر من قصور سبعة لها. وغلقت الأبواب ووكلت به حرساً يحفظونه، ولعله أوحى إلى سليمان عليه السلام باستيثاقها من عرشها، فأراد أن يغرب عليها ويريها بذلك بعض ما خصه الله به من إجراء العجائب على يده، مع إطلاعها على عظيم قدرة الله وعلى ما يشهد لنبوّة سلمان عليه السلام ويصدقها. وعن قتادة : أراد أن يأخذه قبل أن تسلم، لعلمه أنها إذا أسلمت لم يحلّ له أخذ مالها. وقيل : أراد أن يؤتى به فينكر ويغير، ثم ينظر أتثبته أم تنكره ؟ اختباراً لعقلها.
) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّن الْجِنِّ أَنَاْ ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّى عَلَيْهِ لَقَوِىٌّ أَمِينٌ ( ٧ )
النمل :( ٣٩ ) قال عفريت من.....


الصفحة التالية
Icon