" صفحة رقم ٤٢٤ "
وقطعت معاذيرهم وسدّ طريق احتجاجهم ) قَالُواْ لَوْلا أُوتِىَ مِثْلَ مَا أُوتِىَ مُوسَى ( من الكتاب المنزل جملة واحدة، ومن قلب العصا حية وفلق البحر وغيرهما من الآيات ؛ فجاءوا بالاقتراحات المبنية على التعنت والعناد، كما قالوا : لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك، وما أشبه ذلك ) أَوَ لَمْ يَكْفُرُواْ ( يعني أبناء جنسهم ومن مذهبهم مذهبهم وعنادهم عنادهم، وهم الكفرة في زمن موسى عليه السلام ) بِمَا أُوتِىَ مُوسَى ( وعن الحسن رحمه الله : قد كان العرب أصل في أيام موسى عليه السلام، فمعناه على هذا : أو لم يكفر آباؤهم ) قَالُواْ ( في موسى وهرون ) سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ( أي تعاونا. وقرىء :( إظهاراً ) على الإدغام. وسحران. بمعنى : ذوا سحر. أو جعلوهما سحرين مبالغة في وصفهما بالسحر. أو أرادوا نوعان من السحر ) بِكُلٍّ ( بكل واحد منهما. فإن قلت : بم علقت قوله من قبل في هذا التفسير ؟ قلت : بأو لم يكفروا، ولي أن أعلقه بأوتي، فينقلب المعنى إلى أن أهل مكة الذين قالوا هذه المقالة كما كفروا بمحمد ( ﷺ ) وبالقرآن فقد كفروا بموسى عليه السلام وبالتوراة، وقالوا في موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام : ساحران تظاهرا. أو في الكتابين : سحران تظاهرا ؛ وذلك حين بعثوا الرهط إلى رؤساء اليهود بالمدينة يسألونهم عن محمد ( ﷺ )، فأخبرهم أنه نعته وصفته، وأنه في كتابهم، فرجع الرهط إلى قريش فأخبروهم بقول اليهود، فقالوا عند ذلك : ساحران تظاهرا.
) قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (
القصص :( ٤٩ ) قل فأتوا بكتاب.....
) هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا ( مما أنزل على موسى عليه السلام ومما أنزل عليّ. هذا الشرط من نحو ما ذكرت أنه شرط المدل بالأمر المتحقق لصحته ؛ لأنّ امتناع الإتيان بكتاب أهدى من الكتابين أمر معلوم متحقق لا مجال فيه للشكّ. ويجوز أن يقصد بحرف الشكّ : التهكم بهم.
) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (
القصص :( ٥٠ ) فإن لم يستجيبوا.....
فإن قلت : ما الفرق بين فعل الاستجابة في الآية، وبينه في قوله : فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ ;
حيث عدّى بغير اللام ؟ قلت : هذا الفعل يتعدّى إلى الدعاء بنفسه وإلى الداعي


الصفحة التالية
Icon