" صفحة رقم ٤٢٥ "
باللام، ويحذف الدعاء إذا عدّي إلى الداعي في الغالب، فيقال ؛ استجاب الله دعاءه أو استجابة له، ولا يكاد يقال : استجاب له دعاءه. وأما البيت فمعناه : فلم يستجب دعاءه، على حذف المضاف. فإن قلت : فالاستجابة تقتضي دعاء ولا دعاء ههنا. قلت : قوله فأتوا بكتاب أمر بالإتيان والأمر بعث على الفعل ودعاء إليه، فكأنه قال : فإن لم يستجيبوا دعاءك إلى الإتيان بالكتاب إلا هدى، فاعلم أنهم قد ألزموا ولم تبق لهم حجة إلا اتباع الهوى، ثم قال :) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ( لا يتبع في دينه إلا ) هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ اللَّهِ ( أي مطبوعاً على قلبه ممنوع الألطاف ) إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى ( أي لا يلطف بالقوم الثابتين على الظلم الذين اللاطف بهم عابث. وقوله بغير هدى في موضع الحال، يعني مخذولاً مخلى بينه وبين هواه.
) وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (
القصص :( ٥١ ) ولقد وصلنا لهم.....
قرىء :) وَصَّلْنَا ( بالتشديد والتخفيف. والمعنى : أن القرآن أتاهم متتابعاً متواصلاً، وعداً ووعيداً، وقصصاً وعبراً، ومواعظ ونصائح : إرادة أن يتذكروا فيفلحوا. أو نزل عليهم نزولاً متصلاً بعضه في أثر بعض. كقوله :) وَمَا يَأْتِيهِم مّن ذِكْرٍ مّنَ الرَّحْمَانِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ ( ( الشعراء : ٥ )
) الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (
القصص :( ٥٢ ) الذين آتيناهم الكتاب.....
نزلت في مؤمني أهل الكتاب وعن رفاعة بن قرظة : نزلت في عشرة أنا أحدهم. وقيل : في أربعين من مسلمي أهل الإنجيل : اثنان وثلاثون جاؤوا مع جعفر من أرض الحبشة، وثمانية من الشام، والضمير في ) مِن قَبْلِهِ ( للقرآن.
) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُواْ ءَامَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (
القصص :( ٥٣ ) وإذا يتلى عليهم.....
فإن قلت : أي فرق بين الاستئنافين إنه وإنا ؟ قلت : الأوّل تعليل للإيمان به، لأن كونه حقاً من الله حقيق بأن يؤمن به. والثاني : بيان لقوله :) بِهِ إِنَّهُ ( لأنه يحتمل أن يكون إيماناً قريب العهد وبعيده، فأخبروا أن إيمانهم به متقادم ؛ لأنّ آباءهم القدماء قرؤوا في الكتب الأول ذكره وأبناءهم من بعدهم ) مِن قَبْلِهِ ( من قبل وجوده ونزوله ) مُسْلِمِينَ ( كائنين على دين الإسلام ؛ لأن الإسلام صفة كل موحد مصدّق للوحي.
) أُوْلَائِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ( ٧ )
القصص :( ٥٤ ) أولئك يؤتون أجرهم.....
) بِمَا صَبَرُواْ ( بصبرهم على الإيمان بالتوراة والإيمان بالقرآن. أو بصبرهم على


الصفحة التالية
Icon