" صفحة رقم ٤٣٢ "
) فَعَسَى أَن ( يفلح عند الله، و ( عسى ) من الكرام تحقيق. ويجوز أن يراد : ترجي التائب وطعمه، وكأنه قال : فليطمع أن يفلح.
) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (
القصص :( ٦٨ ) وربك يخلق ما.....
الخيرة من التخير، كالطيرة من التطير : تستعمل بمعنى المصدر هو التخير، وبمعنى المتخير كقولهم : محمد خيرة الله من خلقه ) مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ( بيان لقوله :) وَيَخْتَارُ ( لأنّ معناه : ويختار ما يشاء، ولهذا لم يدخل العاطف. والمعنى : أنّ الخير لله تعالى في أفعاله، وهو أعلم بوجوه الحكمة فيها، ليس لأحد من خلقه أن يختار عليه. قيل : السبب فيه قول الوليد بن المغيرة :) لَوْلاَ نُزّلَ هَاذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ( ( الزخرف : ٣١ ) يعني : لا يبعث الله الرسل باختيار المرسل إليهم. وقيل : معناه ويختار الذي لهم فيه الخيرة، أي : يختار للعباد ما هو خير لهم وأصلح، وهو أعلم بمصالحهم من أنفسهم، من قولهم في الأمرين : ليس فيهما خيرة لمختار. فإن قلت : فأين الراجع من الصلة إلى الموصول إذا جعلت ما موصولة ؟ قلت : أصل الكلام : ما كان لهم فيه الخيرة، فحذف ( فيه ) كما حذف، منه في قوله :) إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الاْمُورِ ( ( الشورى : ٤٣ ) لأنه مفهوم ) سُبْحَانَ اللَّهِ ( أي الله بريء من إشراكهم ومايحملهم عليه من الجراءة على الله واختيارهم عليه ما لا يختار.
) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِى الاٍّ ولَى وَالاٌّ خِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (
القصص :( ٦٩ ) وربك يعلم ما.....
) مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ( من عداوة رسول الله وحسده ) وَمَا يُعْلِنُونَ ( من مطاعنهم فيه. وقولهم : هلا اختير عليه غيره في النبوّة ) هُوَ اللَّهُ ( وهو المستأثر بالإلهية المختص بها، و ) لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ ( تقرير لذلك، كقولك : الكعبة القبلة، لا قبلة إلا هي. فإن قلت : الحمد في الدنيا ظاهر فما الحمد في الآخرة ؟ قلت : هو قولهم :) الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ( ( فاطر : ٣٤ )، ) الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ ( ( الزمر : ٧٤ ) ) وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ ( ( الزمر : ٧٥ ) والتحميد هناك على وجه اللذة لا الكلفة. وفي الحديث :
( ٨١٨ ) ( يلهمونَ التسبيحَ والتقديسَ ) ) وَلَهُ الْحُكْمُ ( القضاء بين عباده.


الصفحة التالية
Icon