" صفحة رقم ٤٤٤ "
يصرفه ذلك عن دينه ؛ ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب، ما يصرفه ذلك عن دينه ) ) فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ ( بالامتحان ) الَّذِينَ صَدَقُوا ( في الإيمان ) وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ( فيه. فإن قلت : كيف وهو عالم بذلك فيما لم يزل ؟ قلت : لم يزل يعلمه معدوماً، ولا يعلمه موجوداً إلا إذا وجد، والمعنى : وليتميزن الصادق منهم من الكاذب. ويجوز أن يكون وعداً ووعيداً، كأنه قال : وليثيبن الذي صدقوا وليعاقبنّ الكاذبين. وقرأ علي رضي الله عنه والزهري : وليعلمنّ، من الإعلام، أي : وليعرفنهم الله الناس من هم. أو ليسمنهم بعلامة يعرفون بها من بياض الوجوه وسوادها، وكحل العيون وزرقتها.
) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ (
العنكبوت :( ٤ ) أم حسب الذين.....
) أَن يَسْبِقُونَا ( أي يفوتونا، يعني أنّ الجزاء يلحقهم لا محالة، وهم لم يطمعوا في الفوت، ولم يحدّثوا به نفوسهم، ولكنهم لغفلتهم وقلة فكرهم في العاقبة وإصرارهم على المعاصي : في صورة من يقدر ذلك ويطمع فيه. ونظيره ) وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى الاْرْضِ ( ( الأنفال : ٥٩ )، ) وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ ( ( العنكبوت : ٢٢ ). فإن قلت : أين مفعولا ( حسب ) ؟ قلت : اشتمال صلة أن على مسند ومسند إليه سدّ مسدّ المفعولين ؛ كقوله تعالى :) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ ( ( البقرة :) ويجوز أن يضمن حسب معنى قدر وأم منقطعة. ومعنى الإضراب فيها : أن هذا الحسبان أبطل من الحسبان الأوّل، لأن ذاك يقدر أنه لا يمتحن لإيمانه، وهذا يظن أنه لا يجازي بمساويه ) سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( بئس الذي يحكمونه حكمهم هذا. أو بئس حكماً يحكمونه حكمهم هذا، فحذف المخصوص بالذم.
) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (
العنكبوت :( ٥ ) من كان يرجو.....
لقاء الله : مثل للوصول إلى العاقبة، من تلقي ملك الموت، والبعث، والحساب، والجزاء : مثلت تلك الحال بحال عبد قدم على سيده بعد عهد طويل، وقد اطلع مولاه


الصفحة التالية
Icon