" صفحة رقم ٤٥٦ "
عليها اشمئزازاً منها في طباعهم لإفراط قبحها، حتى أقدم عليها قوم لوط لخبث طينتهم وقذر طباعهم. قالوا لم ينزُ ذكر على ذكر قبل قوم لوط قط. وقريء : إنكم، بغير استفهام في الأوّل دون الثاني : قال أبو عبيدة : وجدته في الإمام بحرف واحد بغير ياء، ورأيت الثاني بحرفين الياء والنون وقطع السبيل : عمل قطاع الطريق، من قتل الأنفس وأخذ الأموال. وقيل : اعتراضهم السابلة بالفاحشة. وعن الحسن : قطع النسل بإتيان ما ليس بحرث. و ) الْمُنْكَرَ ( عن ابن عباس رضي الله عنهما هو الخذف بالحصى، والرمي بالبنادق، والفرقعة، ومضغ العلك، والسواك بين الناس، وحل الأزرار، والسباب، والفحش في المزاح. وعن عائشة رضي الله عنها : كانوا يتحابقون وقيل السخرية بمن مرَّ بهم. وقيل : المجاهرة في ناديهم بذلك العمل، وكل معصية فإظهارها أقبح من سترها، ولذلك جاء : من خرق جلباب الحياء فلا غيبة له. ولا يقال للمجلس : ناد، إلا ما دام فيه أهله، فإذا قاموا عنه لم يبق نادياً ) إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ( فيما تعدناه من نزول العذاب. كانوا يفسدون الناس بحملهم على ما كانوا عليه من المعاصي والفواحش طوعاً وكرهاً ولأنهم ابتدعوا الفاحشة وسنوها فيمن بعدهم، وقال الله تعالى :) الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ ( ( النحل : ٨٨ ) فأراد لوط عليه السلام أن يشتد غضب الله عليهم، فذكر لذلك صفة المفسدين في دعائه.
) وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَاذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (
العنكبوت :( ٣١ - ٣٢ ) ولما جاءت رسلنا.....
) بِالْبُشْرَى ( هي البشارة بالولد. والنافلة : وهما إسحق ويعقوب. وإضافة مهلكو إضافة تخفيف لا تعريف. والمعنى الاستقبال. والقرية : سدوم التي قيل فيها : أجور من قاضي سدوم ) كَانُواْ ظَالِمِينَ ( معناه أنّ الظلم قد استمر منهم إيجاده في الأيام السالفة، وهم عليه مصرون، وظلمهم : كفرهم وألوان معاصيهم ) إِنَّ فِيهَا لُوطاً ( ليس إخباراً لهم بكونه فيها، وإنما هو جدال في شأنه : لأنهم لما عللوا إهلاك أهلها بظلمهم : اعترض عليهم بأن فيها من هو بريء من الظلم، وأراد بالجدال : إظهار الشفقة عليهم، وما يجب للمؤمن من التحزن لأخيه، والتشمر في نصرته وحياطته، والخوف من أن يمسه أذى أو يلحقه ضرر. قال قتادة : لا يرى المؤمن ألا يحوط المؤمن، ألا ترى إلى جوابهم