" صفحة رقم ٤٦ "
ذَلَكَ طُبَعَ عليهِ بطابعٍ ووضعَ تحتَ العرشِ، فإذَا كَانَ يومَ القيامةِ نادَى منادٍ : أينَ الذِينَ لَهمُ عَندَ الرحمانِ عهدٌ، فيدخلونَ الجنةَ ) وقيل : كلمة الشهادة. أو يكون من ( عهد الأمير إلى فلان بكذا ) إذا أمره به، أي لا يشفع إلا المأمور بالشفاعة المأذون له فيها. وتعضده مواضع في التنزيل :) وَكَمْ مّن مَّلَكٍ فِى السَّمَاواتِ لاَ تُغْنِى شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى ( ( النجم : ٢٦ )، ) وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ( ( سبأ : ٢٣ )، ) وَيَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَرَضِىَ لَهُ قَوْلاً ( ( طه : ١٠٩ ).
) وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الاٌّ رْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَانِ وَلَداً (
مريم :( ٨٨ ) وقالوا اتخذ الرحمن.....
قرىء ( إِدَّا ) بالكسر والفتح. قال ابن خالويه : الإدّ والأدّ : العجب. وقيل : العظيم المنكر. والأدّة : الشدّة. وأدني الأمر وآدني : أثقلني وعظم عليّ إدّاً ( يكادُ ) قراءة الكسائي ونافع بالياء. وقرىء ( ينفطرن ) الأنفطار : مِنْ فطره إذا شقه. والتفطر : من فطره إذا شققه وكرر الفعل فيه. وقرأ ابن مسعود :( ينصدعن ) أي تهد هدّا، أو مهدودة، أو مفعول له : أي : لأنها تهدّ. فإن قلت : ما معنى انفطار السموات وانشقاق الأرض وخرور الجبال ؟ ومن أين تؤثر هذه الكلمة في الجمادات ؟ قلت : فيه وجهان، أحدهما : أن الله سبحانه يقول : كدت أفعل هذا بالسموات والأرض والجبال عند وجود هذه الكلمة غضباً مني على من تفوّه بها، لولا حلمي ووقاري، وأني لا أعجل بالعقوبة كما قال :) إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاواتِ وَالاْرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ( ( فاطر : ٤١ ) والثاني : أن يكون استعظاماً للكلمة، وتهويلاً من فظاعتها، وتصويرا لأثرها في الدين وهدمها لأركانه وقواعده، وأن مثال ذلك الأثر في


الصفحة التالية
Icon