" صفحة رقم ٤٦٦ "
وإن شسعتَّ، أتبعه قوله :) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ( أي واجدة مرارته وكربه كما يجد الذائق طعم المذوق. ومعناه : إنكم ميتون فواصلون إلى الجزاء، ومن كانت هذه عاقبته لم يكن له بد من التزود لها والاستعداد بجهده.
) وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاٌّ نْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (
العنكبوت :( ٥٨ - ٥٩ ) والذين آمنوا وعملوا.....
) لَنُبَوّئَنَّهُمْ ( لننزلنهم ) مِنَ الْجَنَّةِ ( علالي. وقرىء ( لنثوّينهم ) من الثواء وهو النزول للإقامة. يقال : ثوى في المنزل، وأثوى هو، وأثوى غيره وثوى : غير متعد، فإذا تعدى بزيادة همزة النقل لم يتجاوزه مفعولاً واحداً، نحو : ذهب، وأذهبته. والوجه في تعديته إلى ضمير المؤمنين وإلى الغرف : إمّا إجراؤه مجرى لننزلنهم ونبوئنهم. أو حذف الجار وإيصال الفعل : أو تشبيه الظرف المؤقت بالمبهم. وقرأ يحيى بن وثاب :( فنعم )، فزيادة الفاء ) الَّذِينَ صَبَرُواْ ( على مفارقة الأوطان والهجرة لأجل الدين. وعلى أذى المشركين، وعلى المحن والمصائب، وعلى الطاعات، وعن المعاصي، ولم يتوكلوا في جميع ذلك إلا على الله.
) وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (
العنكبوت :( ٦٠ ) وكأين من دابة.....
لما أمر رسول الله ( ﷺ ) من أسلم بمكة بالهجرة، خافوا الفقر والضيعة. فكان يقول الرجل منهم : كيف أقدم بلدة ليس لي فيها معيشة، فنزلت. والدابة : كل نفس دبت على وجه الأرض، عقلت أو لم تعقل. ) تَحْمِلُ رِزْقَهَا ( لا تطيق أن تحمله لضعفها على حمله ) اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ( أي لا يرزق تلك الدواب الضعاف إلا الله، ولا يرزقكم أيضاً أيها الأقوياء إلا هو وإن كنتم مطيقين لحمل أرزاقكم وكسبها، لأنه لو لم يقدركم ولم يقدّر لكم أسباب الكسب، لكنتم أعجز من الدواب التي لا تحمل، وعن الحسن ) لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا ( لا تدّخره، إنما تصبح فيرزقها الله. وعن ابن عيينة : ليس شيء يخبأ إلا الإنسان والنملة والفأرة. وعن بعضهم : رأيت البلبل يحتكر في حضنيه. ويقال : للعقعق مخابىء إلا أنه ينساها ) وَهُوَ السَّمِيعُ ( لقولكم : نخشى الفقر والضيعة ) الْعِلْمِ ( بما في ضمائركم.