" صفحة رقم ٤٨٦ "
) أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ (
الروم :( ٣٥ ) أم أنزلنا عليهم.....
السلطان : الحجة، وتكلمه. مجاز، كما تقول : كتابه ناطق بكذا، وهذا مما نطق به القرآن. ومعناه الدلالة والشهادة، كأنه قال : فهو يشد بشركهم وبصحته. وما في ) بِمَا كَانُوا ( مصدرية أي : بكونهم بالله يشركون. ويجوز أن تكون موصولة ويرجع الضمير إليها. ومعناه : فهو يتكلم بالأمر الذي يسببه يشركون، ويحتمل أن يكون المعنى : أم أنزلنا عليهم ذا سلطان، أي : ملكاً معه برهان فذلك الملك يتكلم بالبرهان الذي بسببه يشركون.
) وَإِذَآ أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (
الروم :( ٣٦ ) وإذا أذقنا الناس.....
) وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً ( أي نعمة من مطر أو سعة أو صحة ) فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ ( أي بلاء من جدب أو ضيق أو مرض والسبب فيها شؤم معاصيهم قنطوا من الرحمة.
) أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لأَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (
الروم :( ٣٧ ) أو لم يروا.....
ثم أنكر عليهم بأنهم قد علموا أنه هو الباسط القابض، فما لهم يقنطون من رحمته، وما لهم لا يرجعون إليه تائبين من المعاصي التي عوقبوا بالشدّة من أجلها، حتى يعيد إليهم رحمته.
) فَأاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (
الروم :( ٣٨ ) فآت ذا القربى.....
حق ذي القربى : صلة الرحم. وحق المسكين وابن السبيل : نصيبهما من الصدقة المسماة لهما. وقد احتج أبو حنيفة رحمه الله بهذه الآية في وجوب النفقة للمحارم إذا كانوا محتاجين عاجزين عن الكسب. وعند الشافعي رحمه الله : لا نفقة بالقرابة إلا على الولد والوالدين : قاس سائر القرابات على ابن العم، لأنه لا ولاد بينهم. فإن قلت : كيف تعلق قوله :) فَأاتِ ذَا الْقُرْبَى ( بما قبله حتى جيء بالفاء ؟ قلت : لما ذكر أنّ السيئة أصابتهم بما قدّمت أيديهم، أتبعه ذكر ما يجب أن يفعل وما يجب أن يترك ) يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ( يحتمل أن يراد بوجهه ذاته أو جهته وجانبه، أي : يقصدون بمعروفهم إياه خالصاً وحقه، كقوله تعالى :) إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبّهِ الاْعْلَى ( ( الليل : ٢٠ ) أو يقصدون جهة التقرّب إلى الله لا جهة أخرى، والمعنيان متقاربان، ولكن الطريقة مختلفة.