" صفحة رقم ٤٨٨ "
هل من شركائكم، وقوله :) مّن ذالِكُمُ ( هو الذي ربط الجملة بالمبتدأ، لأن معناه : من أفعاله ومن الأولى والثانية والثالثة : كل واحدة منهنّ مستقلة بتأكيد، لتعجيز شركائهم، وتجهيل عبدتهم.
) ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (
الروم :( ٤١ ) ظهر الفساد في.....
) الْفَسَادُ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ ( نحو : الجدب، والقحط، وقلة الريع في الزراعات والربح في التجارات، ووقوع الموتان في الناس والدواب، وكثر الحرق والغرق، وإخفاق الصيادين والغاصة، ومحق البركات من كل شيء، وقلة المنافع في الجملة وكثرة المضارّ. وعن ابن عباس : أجدبت الأرض وانقطعت مادّة البحر. وقالوا : إذا انقطع القطر عميت دواب البحر. وعن الحسن أنّ المراد بالبحر : مدن البحر وقراه التي على شاطئه. وعن عكرمة : العرب تسمي الأمصار البحار. وقرىء :( في البر والبحور ) ) بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ ( بسبب معاصيهم وذنوبهم، كقوله تعالى :) وَمَا أَصَابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فِيمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ( ( الشورى : ٣٠ ) وعن ابن عباس ) ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرّ ( بقتل ابن آدم أخاه. وفي البحر بأن جلندي كان يأخذ كل سفينة غصباً، وعن قتادة : كان ذلك قبل البعث، فلما بعث رسول الله ( ﷺ ) رجع راجعون عن الضلال والظلم. ويجوز أن يريد ظهور الشر والمعاصي بكسب الناس ذلك. فإن قلت : ما معنى قوله :) لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ( ؟ قلت أمّا على التفسير الأول فظاهر، وهو أنّ الله قد أفسد أسباب دنياهم ومحقها، ليذيقهم وبال بعضهم أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة، لعلهم يرجعون عما هم عليه، وأما على الثاني فاللام مجاز، على معنى أنّ ظهور الشرور بسببهم مما استوجبوا به أن يذيقهم الله وبال أعمالهم إرادة الرجوع، فكأنهم إنما أفسدوا وتسببوا لفشوّ المعاصي في الأرض لأجل ذلك. وقرىء :( لنذيقهم ) بالنون.
) قُلْ سِيرُواْ فِى الاٌّ رْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ (
الروم :( ٤٢ ) قل سيروا في.....
ثم أكد تسبب المعاصي لغضب الله ونكاله : حيث أمرهم بأن يسيروا في الأرض فينظروا كيف أهلك الله الأمم وأذاقهم سوء العاقبة لمعاصيهم، ودل بقوله :) كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ ( على أنّ الشرك وحده لم يكن سبب تدميرهم، وأنّ ما دونه من المعاصي يكون