" صفحة رقم ٤٩٨ "
( ٨٥٣ ) ( الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش ) ويجوز أن تكون الإضافة بمعنى ( من ) التبعيضية، كأنه قيل : ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه. وقوله :) يَشْتَرِى ( إما من الشراء، على ما روى عن النضر : من شراء كتب الأعاجم أو من شراء القيان. وإما من قوله :) اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإيمَانِ ( ( آل عمران : ١٧٧ ) أي استبدلوه منه واختاروه عليه. وعن قتادة : اشتراؤه : استحبابه، يختار حديث الباطل على حديث الحق. وقرىء :) لِيُضِلَّ ( بضم الياء وفتحها. و ) سَبِيلِ اللَّهِ ( دين الإسلام أو القرآن. فإن قلت : القراءة بالضم بينة، لأن النضر كان غرضه باشتراء اللهو : أن يصدّ الناس عن الدخول في الإسلام واستماع القرآن ويضلهم عنه، فما معنى القراءة بالفتح ؟ قلت : فيه معنيان، أحدهما : ليثبت على ضلاله الذي كان عليه، ولا يصدف عنه، ويزيد فيه ويمدّه، فإن المخذول كان شديد الشكيمة في عداوة الدين وصدّ الناس عنه. والثاني : أن يوضع ليضل موضع ليضل، من قبل أن من أضل كان ضالاً لا محالة، فدل بالرديف على المردوف. فإن قلت : ما معنى قوله :) بِغَيْرِ عِلْمٍ ( قلت : لما جعله مشترياً لهو الحديث بالقرآن قال : يشتري بغير علم بالتجارة وبغير بصيرة بها، حيث يستبدل الضلال بالهدى والباطل بالحق. ونحوه قوله تعالى :) فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ( ( البقرة : ١٦ ) أي : وما كانوا مهتدين للتجارة بصراء بها : وقرىء ) وَيَتَّخِذَهَا ( بالنصب والرفع عطفاً على يشتري. أو ليضل، والضمير للسبيل ؛ لأنها مؤنثة، كقوله تعالى :) وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ ءامَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ( ( الأعراف : ٨٦ ). ) وَلَّى مُسْتَكْبِراً ( زاما لا يعبأ بها ولا يرفع بها رأساً : تشبه حاله في ذلك حال من لم يسمعها وهو سامع ) كَأَنَّ فِى أُذُنَيْهِ وَقْراً ( أي ثقلاً ولا وقر فيهما، وقرىء : بسكون الذال. فإن قلت : ما محل الجملتين المصدرتين بكأن ؟ قلت : الأولى حال من مستكبراً والثانية من لم يسمعها : ويجوز أن تكونا استئنافين، والأصل في كأن المخففة : كأنه، والضمير : ضمير الشأن.
) إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِى الاٌّ رْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ هَاذَا خَلْقُ اللَّهِ