" صفحة رقم ٥٠٩ "
الكثيرة العدد : إن لو شغله شأن عن شأن وفعل عن فعل، وقد تعالى عن ذلك ) إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ( يسمع كل صوت ويبصر كل مبصر في حالة واحدة، لا يشغله إدراك بعضها عن إدراك بعض، فكذلك الخلق والبعث.
) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ (
لقمان :( ٢٩ ) ألم تر أن.....
كل واحد من الشمس والقمر يجري في فلكه، ويقطعه إلى وقت معلوم : الشمس إلى آخر السنة، والقمر إلى آخر الشهر. وعن الحسن : الأجل المسمى : يوم القيامة. لأنه لا ينقطع جريهما إلا حينئذٍ. دلّ أيضاً بالليل والنهار وتعاقبهما وزيادتهما ونقصانهما وجرى النيرين في فلكيهما كل ذلك على تقدير وحساب. وبإحاطته بجميع أعمال الخلق : على عظم قدرته وحكمته. فإن قلت : يجري لأجل مسمى، ويجري إلى أجل مسمى : أهو من تعاقب الحرفين ؟ قلت : كلا، ولا يسلك هذه الطريقة إلا بليد الطبع ضيق العطن. ولكن المعنيين. أعني الانتهاء والاختصاص كل واحد منهما ملائم لصحة الغرض ؛ لأنّ قولك يجري إلى أجل مسمى : معناه يبلغه وينتهي كل واحد منهما ملائم لصحة الغرض ؛ لأنّ قولك يجري إلى أجل مسمى : معناه يبلغه وينتهي إليه. وقولك : يجري لأجل مسمى : تريد يجري لإدراك أجل مسمى، تجعل الجري مختصاً بإدراك أجل مسمى. ألا ترى أن جري الشمس مختص بآخر السنة. وجري القمر مختص بآخر الشهر. فكلا المعنيين غير ناب به موضعه ) ذالِكَ ( الذي وصف من عجائب قدرته وحكمته التي يعجز عنها الأحياء القادرون العالمون. فكيف بالجماد الذي تدعونه من دون الله، إنما هو بسبب أنه هو الحق الثابت إلاهيته. وأنّ من دونه باطل الإلاهية ) وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِىُّ ( الشأن ) الْكَبِيرُ ( السلطان. أو ذلك الذي أوحى إليك من هذه الآيات بسبب بيان أنّ الله هو الحق، وأنّ إلاهاً غيره باطل، وأنّ الله هو العليّ الكبير عن أن يشرك به.
) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِّنْ ءَايَاتِهِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاّيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ( ٧ )
لقمان :( ٣١ ) ألم تر أن.....