" صفحة رقم ٥١٤ "
وأما قولهم :) افْتَرَاهُ ( فإما قول متعنت مع علمه أنه من الله لظهور الإعجاز له، أو جاهل يقوله قبل التأميل والنظر لأنه سمع الناس يقولونه :) مَّا أَتَاهُم مّن نَّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ ( كقوله :) مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ ( ( يس : ٦ ) وذلك أن أن قريشاً لم يبعث الله إليهم رسولاً قبل محمد ( ﷺ ). فإن قلت : فإذا لم يأتهم نذير لم تقم عليهم حجة. قلت : أما قيام الحجة بالشرائع التي لا يدرك علمها إلا بالرسل فلا، وأما قيامها بمعرفة الله وتوحيده وحكمته فنعم ؛ لأن أدلة العقل الموصلة إلى ذلك معهم في كل زمان ) لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ( فيه وجهان : أن يكون على الترجي من رسول الله ( ﷺ ) كما كان ) لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ ( ( طه : ٤٤ ) على الترجي من موسى وهرون عليهما السلام، وأن يستعار لفظ الترجي للإرادة.
) اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (
السجدة :( ٤ ) الله الذي خلق.....
فإن قلت : ما معنى قوله :) مَا لَكُمْ مّن دُونِهِ مِن وَلِيّ وَلاَ شَفِيعٍ ( قلت : هو على معنيين، أحدهما : أنكم إذا جاوزتم رضاه لم تجدوا لأنفسكم ولياً، أي : ناصراً ينصركم ولا شفيعاً يشفع لكم. والثاني : أن الله وليكم الذي يتولى مصالحكم، وشفيعكم أي ناصركم على سبيل المجاز، لأن الشفيع ينصر المشفوع له. فهو كقوله تعالى :) وَمَا لَكُم مّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ ( ( البقرة : ١٠٧ ) فإذا خذلكم لم يبق لكم وليّ ولا نصير.
) يُدَبِّرُ الاٌّ مْرَ مِنَ السَّمَآءِ إِلَى الاٌّ رْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (
السجدة :( ٥ ) يدبر الأمر من.....
) الاْمْرُ ( المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة ينزله مدبراً ) مِنَ السَّمَاء إِلَى الاْرْضِ ( ثم لا يعمل به ولا يصعد إليه ذلك المأمور به خالصاً كما يريده ويرتضيه إلا في مدة متطاولة ؛ لقلة عمال الله والخلص من عباده وقلة الأعمال الصاعدة، لأنه لا يوصف


الصفحة التالية
Icon