" صفحة رقم ٥٣٨ "
الخوف وحيزت الغنائم ووقعت القسمة : نقلوا ذلك الشحّ وتلك الضنة والرفرفة عليكم إلى الخير وهو المال والغنيمة ونسوا تلك الحالة الأولى، واجترؤا عليكم وضربوكم بألسنتهم وقالوا : وفروا قسمتنا فإنا قد شاهدناكم وقاتلنا معكم، وبمكاننا غلبتم عدوّكم وبنا نصرتم عليهم. ونصب ) أَشِحَّةً ( على الحال أو على الذمّ. وقرىء :( أشحة )، بالرفع. و ( صلقوكم ) بالصاد. فإن قلت : هل يثبت للمنافق عمل حتى يرد عليه الإحباط ؟ قلت : لا ولكنه تعلم لمن عسى يظن أنّ الإيمان باللسان إيمان وإن لم يوطئه القلب، وأن ما يعمل المنافق من الأعمال يجدي عليه، فبين أنّ إيمانه ليس بإيمان، وأنّ كل عمل يوجد منه باطل. وفيه بعث على إتقان المكلف أساس أمره وهو الإيمان الصحيح، وتنبيه على أن الأعمال الكثيرة من غير تصحيح المعرفة كالبناء على غير أساس، وأنها مما يذهب عند الله هباء منثوراً. فإن قلت : ما معنى قوله :) وَكَانَ ذالِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً ( وكل شيء عليه يسير ؟ قلت : معناه : أن أعمالهم حقيقة بالإحباط، تدعو إليه الدواعي، ولا يصرف عنه صارف ) يَحْسَبُونَ ( أنّ الأحزاب لم ينهزموا، وقد انهزموا فانصرفوا عن الخندق إلى المدينة راجعين لما نزل بهم من الخوف الشديد ودخلهم من الجبن المفرط ) وَإِن يَأْتِ الاْحْزَابُ ( كرّة ثانية. تمنوا لخوفهم مما منوا به هذه الكرّة أنهم خارجون إلى البدو حاصلون بين الأعراب ) يُسْئَلُونَ ( كل قادم منهم من جانب المدينة عن أخباركم وعما جرى عليكم ) وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ ( ولم يرجعوا إلى المدينة وكان قتال لم يقاتلوا إلا تعلة رياء وسمعة. وقرىء :( بدّي ) على فعَّل جمع باد كغاز وغزَّي. وفي رواية صاحب الإقليد :( بديّ )، بوزن عديّ. ويساءلون، أي : يتساءلون. ومعناه : يقول بعضهم لبعض : ماذا سمعت ؟ ماذا بلغك ؟ أو يتساءلون الأعراب كما تقول : رأيت الهلال وتراءيناه : كان عليكم أن تواسوا رسول الله ( ﷺ ) بأنفسكم فتوازروه وتثبتوا معه، كما آساكم بنفسه في الصبر على الجهاد والثبات في مرحى الحرب، حتى كسرت رباعيته يوم أحد وشجّ وجهه.
) لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الاٌّ خِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ( ٧ )
الأحزاب :( ٢١ ) لقد كان لكم.....


الصفحة التالية
Icon