" صفحة رقم ٥٦٦ "
جارية لا يرى الدنيا بها شغفاً واستهتاراً، فنظر إليها ذات يوم فتنفس الصعداء، وانتحب فعلا نحيبه مما ذهب به فكره هذا المذهب، فلم يزل به ذلك حتى قتلها، تصوراً لما عسى يتفق من بقائها بعده وحصولها تحت يد غير. وعن بعض الفقهاء أن الزوج الثاني في هدم الثلاث مما يجري مجرى العقوبة ؛ فصين رسول الله ( ﷺ ) عما يلاحظ ذلك.
) إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيماً (
الأحزاب :( ٥٤ ) إن تبدوا شيئا.....
) إِن تُبْدُواْ شَيْئاً ( من نكاحهن على ألسنتكم ) أَوْ تُخْفُوهْ ( في صدوركم ) فَإِنَّ اللَّهَ ( يعلم ذلك فيعاقبكم به، وإنما جاء به على أثر ذلك عاماً لكل باد وخاف، ليدخل تحته نكاحهن وغيره ولأنه على هذه الطريقة أهول وأجزل.
) لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِىءَابَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيداً (
الأحزاب :( ٥٥ ) لا جناح عليهن.....
روي أنه لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب : يا رسول الله، أو نحن أيضاً نكلمهن من وراء الحجاب، فنزلت ) لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ ( أي لا إثم عليهم في أن لا يحتجبن من هؤلاء ولم يذكر العم والخال، لأنهما يجريان مجرى الوالدين، وقد جاءت تسمية العم أباً. قال الله تعالى :) وَإِلَاهَ آبَائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ( ( البقرة : ١٣٣ ) وإسماعيل عمّ يعقوب. وقيل : كره ترك الاحتجاب عنهما لأنهما يصفانها لأبنائهما، وأبناؤهما غير محارم، ثم نقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب، وفي هذا النقل ما يدلّ على فضل تشديد، فقيل :) وَاتَّقِينَ اللَّهَ ( فيما أمرتن به من الاحتجاب وأنزل فيه الوحي من الاستتار، واحططن فيه، وفيما استثنى منه ما قدرتن، واحفظن حدودهما واسلكن طريق التقوى في حفظهما ؛ وليكن عملكن في الحجب أحسن مما كان وأنتن غير محجبات، ليفضل سركن علنكن ) إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلّ شَىْء ( من السرّ والعلن وظاهر الحجاب وباطنه ) شَهِيداً ( لا يتفاوت في علمه الأحوال.
) إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً (
الأحزاب :( ٥٦ ) إن الله وملائكته.....
قرىء :( وملائكته ) بالرفع، عطفاً على محل إن واسمها، وهو ظاهر على مذهب الكوفيين، ووجهه عند البصريين، أن يحذف الخبر لدلالة يصلون عليه ) صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ ( أي قولوا الصلاة على الرسول والسلام. ومعناه : الدعاء بأن يترحم عليه الله


الصفحة التالية
Icon