" صفحة رقم ٥٩٣ "
قرىء :( ميعاد يوم ). ومعياد يوم. وميعاد يوما. والميعاد : ظرف الوعد من مكان أو زمان، وهو ههنا الزمان. والدليل عليه قراءة من قرأ : ميعاد يوم فأبدل منه اليوم. فإن قلت : فما تأويل من إضافة إلى يوم، أو نصب يوماً ؟ قلت : أما الإضافة فإضافة تبيين، كما تقول : سحق ثوب، وبعير سانية. وأما نصب اليوم فعلى التعظيم بإضمار فعلى تقديره : لكم ميعاد، أعني يوماً أو أريد يوماً من صفته كيت وكيت. ويجوز أن يكون الرفع على هذا، أعني التعظيم. فإن قلت : كيف انطبق هذا جواباً على سؤالهم ؟ قلت : ما سألوا عن ذلك وهم منكرون له إلاّ تعنتاً، ولا استرشاداً، فجاء الجواب على طريق التهديد مطابقاً لمجيء السؤال على سبيل الإنكار والتعنت، وأنهم مرصدون ليوم يفاجؤهم، فلا يستطيعون تأخراً عنه ولا تقدّماً عليه.
) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بِهَاذَا الْقُرْءَانِ وَلاَ بِالَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (
سبأ :( ٣١ ) وقال الذين كفروا.....
الذي بين يديه : ما نزل قبل القرآن من كتب الله، يروى : أن كفار مكة سألوا أهل الكتاب فأخبروهم أنهم يجدون صفة رسول الله ( ﷺ ) في كتبهم، فأغضبهم ذلك وقرنوا إلى القرآن جميع ما تقدمه من كتب الله عزّ وجلّ في الكفر، فكفروا بها جميعاً. وقيل : الذي بين يديه يوم القيامة. والمعنى : أنهم جحدوا أن يكون القرآن من الله تعالى، وأن يكون لما دلّ عليه من الإعادة للجزاء حقيقة، ثم أخبر عن عاقبة أمرهم ومآلهم في الآخرة فقال لرسوله عليه الصلاة والسلام أو للمخاطب ) وَلَوْ تَرَى ( في الآخرة موقفهم وهم يتجاذبون أطراف المحادثة ويتراجعونها بينهم، لرأيت العجيب، فحذف الجواب. والمستضعفون : هم الأتباع، والمستكبرون : هم الرؤوس والمقدّمون.
) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ اْلَعَذَابَ وَجَعَلْنَا الاٌّ غْلَالَ فِى أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (
سبأ :( ٣٢ ) قال الذين استكبروا.....
أولى الاسم أعني ) نَحْنُ ( حرف الإنكار ؛ لأنّ الغرض إنكار أن يكونوا هم الصادين لهم عن الإيمان، وإثبات أنهم هم الذين صدّوا بأنفسهم عنه، وأنهم أتوا من قبل اختيارهم، كأنهم قالوا : أنحن أجبرناكم وحلنا بينكم وبين كونكم ممكنين مختارين ) بَعْد


الصفحة التالية
Icon