" صفحة رقم ٦ "
في صفة الشيخ : صوته خفات، وسمعه تارات. واختلف في سنّ زكريا عليه السلام، فقيل : ستون، وخمس وستون، وسبعون، وخمس وسبعون، وخمس وثمانون.
) قَالَ رَبِّ إِنِّى وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً (
مريم :( ٤ ) قال رب إني.....
قرىء ( وهن ) بالحركات الثلاث، وإنما ذكر العظم لأنه عمود البدن وبه قوامه وهو أصل بنائه، فإذا وهن تداعى وتساقطت قوته، ولأنه أشد ما فيه وأصلبه، فإذا وهن كان ما وراءه أوهن. ووحده لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية، وقصده إلى أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن، ولو جمع لكان قصداً إلى معنى آخر، وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها. إدغام السين في الشين عن أبي عمرو. شبه الشيب بشواظ النار في بياضه وإنارته وانتشاره في الشعر وفشوّه فيه وأخذه منه كل مأخذ، باشتعال النار ؛ ثم أخرجه مخرج الاستعارة، ثم أسند الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته وهو الرأس. وأخرج الشيب مميزاً ولم يضف الرأس : اكتفاء بعلم المخاطب أنه رأس زكريا، فمن ثم فصحت هذه الجملة وشهد لها بالبلاغة. توسل إلى الله بما سلف لمعه من الاستجابة. وعن بعضهم أن محتاجاً سأله وقال : أنا الذي أحسنت إليّ وقت كذا. فقال : مرحباً بمن توسل بنا إلينا، وقضى حاجته.
) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِىَ مِن وَرَآئِى وَكَانَتِ امْرَأَتِى عَاقِرًا فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً (
مريم :( ٥ ) وإني خفت الموالي.....
كان مواليه وهم عصبته إخوته وبنو عمه شرار بني إسرائيل، فخافهم على الدين أن يغيروه ويبدّلوه، وأن لا يحسنوا الخلافة على أمته، فطلب عقباً من صلبه صالحاً يقتدى به في إحياء الدين ويرتسم مراسمه فيه ) مِن وَرَائِى ( بعد موتي. وقرأ ابن كثير :( من وراي ) بالقصر، وهذا الظرف لا يتعلق بخفت لفساد المعنى، ولكن بمحذوف. أو بمعنى الولاية في الموالي : أي خفت فعل الموالي وهو تبديلهم وسوء خلافتهم من ورائي. أو خفت الذين يلون الأمر من ورائي. وقرأ عثمان ومحمد بن علي وعلي بن الحسين رضي الله عنهم ( خَفَّتِ الموالي من ورائي ) وهذا على معنيين، أحدهما : أن يكون ) وَرَائِى ( بمعنى خلفي وبعدي، فيتعلق الظرف بالموالي : أي قلوا وعجزوا عن إقامة أمر الدين، فسأل ربه تقويتهم ومظاهرتهم بوليّ يرزقه. والثاني : أن يكون بمعنى قدامي،


الصفحة التالية
Icon