" صفحة رقم ٦١٠ "
مَشَقَ الْهَوَاجِرُ لَحْمَهُنَّ مَعَ السُّرَى
حَتَّى ذَهَبْنَ كَلاَكِلاً وَصُدُورَاً
يريد : رجعن كلاكلاً وصدوراً، أي : لم يبق إلا كلاكلها وصدورها. ومنه قوله : فَعَلَى إثْرِهِمْ تَسَاقَطُ نَفْسِي
حَسَرَاتٍ وَذِكْرُهُمْ لِي سَقَامُ
وقرىء :( فلا تذهب نفسك ) ) إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ( وعيد لهم بالعقاب على سوء صنيعهم.
) وَاللَّهُ الَّذِى أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الاٌّ رْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (
فاطر :( ٩ ) والله الذي أرسل.....
وقرىء :( أرسل الريح ). فإن قلت : لم جاء ) فَتُثِيرُ ( على المضارعة دون ما قبله، وما بعده ؟ قلت ؛ ليحكى الحال التي تقع فيها آثارة الرياح السحاب، وتستحضر تلك الصور البديعة الدالة على القدرة الربانية، وهكذا يفعلون بفعل فيه نوع تمييز وخصوصية، بحال تستغرب، أو تهمّ المخاطب، أو غير ذلك، كما قال تأبّط شراً : بِأَبِي قَدْ لَقِيتُ الْغُولَ تَهْوِي
بَسَهْبٍ كَالصَّحِيفَةِ صَحْصَحَان
فَأَضْرِبُهَا بِلاَ دَهَشٍ فَخَرَّت
صَرِيعاً للْيَدَيْنِ وَلِلْجِرَانِ
لأنه قصد أن يصوّر لقومه الحالة التي تشجع فيها بزعمه على ضرب الغول، وكأنه يبصرهم إياها ويطلعهم على كنهها، مشاهدة للتعجيب من جرأته على كل هول، وثباته عند كلّ شدّة. وكذلك سوق السحاب إلى البلد الميت، وإحياء الأرض بالمطر بعد موتها : لما كانا من الدلائل على القدرة الباهرة قيل : فسقنا، وأحيينا ؛ معدولاً بهما عن لفظ الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدلّ عليه. والكاف في ) كَذالِكَ ( في محلّ الرفع، أي : مثل إحياء الموات نشور الأموات وروي :
( ٩٢٠ ) أنه قيل لرسول الله ( ﷺ ) : كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ المَوْتَى ؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ ؟


الصفحة التالية
Icon