" صفحة رقم ٨ "
) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِى عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً (
مريم :( ٨ ) قال رب أنى.....
أي كانت على صفة العقر حين أنا شاب وكهل، فما رزقت الولد لاختلال أحد السببين، أفحين اختل السببان جميعاً أُرزقه ؟ فإن قلت : لم طلب أولاً وهو وامرأته على صفة العتيّ والعقر، فلما أسعف بطلبته استبعد واستعجب ؟ قلت : ليجاب بما أجيب به، فيزداد المؤمنون إيقاناً ويرتدع المبطلون، وإلا فمعتقد زكريا أولاً وآخراً كان على منهاج واحد : في أنّ الله غني عن الأسباب، أي بلغت عتياً : وهو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام كالعود القاحل يقال : عتا العود وعسا من أجل الكبر والطعن في السن العالية. أو بلغت من مدارج الكبر ومراتبه ما يسمى عتياً. وقرأ ابن وثاب وحمزة والكسائي بكسر العين، وكذلك ) صِلِيّاً ( ( مريم : ٧٠ ) وابن مسعود بفتحهما فيهما. وقرأ أبيّ ومجاهد ( عُسِيًّا ).
) قَالَ كَذالِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (
مريم :( ٩ ) قال كذلك قال.....
) كَذالِكَ ( الكاف رفع، أي الأمر كذلك تصديق له، ثم ابتدأ ) قَالَ رَبُّكِ ( أو نصب بقال، وذلك إشارة إلى مبهم يفسره ) هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ ( ونحوه :) وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الاْمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآْء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ ( ( الحجر : ٦٦ ) وقرأ الحسن ( وهو علي هين )، ولا يخرج هذا إلا على الوجه الأول : أي الأمر كما قلت، وهو على ذلك يهون علي. ووجه آخر : وهو أن يشار بذلك إلى ما تقدم من وعد الله، لا إلى قول زكريا. و ( قال ) محذوف في كلتا القراءتين : أي قال هو عليّ هين قال وهو عليّ هين، وإن شئت لم تنوه، لأن الله


الصفحة التالية
Icon