" صفحة رقم ١٢٧ "
حتى يخشوا تلك الخشية ويرجوا ذلك الرجاء، كما قال : هدى للمتقين ) وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ ( ومن يخذله من الفساق والفجرة ) فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ( أو ذلك الكائن من الخشية والرجاء هدي الله، أي : أثر هداه وهو لطفه، فسماه هدي لأنه حاصل بالهدي، ) يَهْدِى بِهِ ( بهذا الأثر من يشاء من عباده، يعني : من صحب أولئك ورآهم خاشين راجين، فكان ذلك مرغباً لهم في الاقتداء بسيرتهم وسلوك طريقتهم ) وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ ( : ومن لم يؤثر فيه ألطافه لقسوة قلبه وإصراره على فجوره، ) فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ( من مؤثر فيه بشىء قط.
) أَفَمَن يَتَّقِى بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّلِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْىَ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الاٌّ خِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (
الزمر :( ٢٤ ) أفمن يتقي بوجهه.....
يقال : اتقاه بدرقته : استقبله بها فوقي بها نفسه إياه واتقاه بيده. وتقديره :) أَفَمَن يَتَّقِى بِوَجْهِهِ سُوء الْعَذَابِ ( كمن أمن العذاب، فحذف كما حذف في نظائره و ) سُوء الْعَذَابِ ( : شدّته. ومعناه : أن الإنسان إذا لقي مخوفاً من المخاوف استقبله بيده، وطلب أن يقي بها وجهه، لأنه أعزّ أعضائه عليه والذي يلقى في النار يلقى : مغلولة يداه إلى عنقه، فلا يتهيأ له أن يتقي النار إلاّ بوجهه الذي كان يتقي المخاوف بغيره، وقاية له ومحاماة عليه. وقيل : المراد بالوجه الجملة، وقيل : نزلت في أبي جهل. وقال لهم خزنة النار ) ذُوقُواْ ( وبال ) مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ( من الجهة التي لا يحتسبون، ولا يخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها، بينا هم آمنون رافهون إذ فوجئوا من مأمنهم. والخزي : الذلّ والصغار، كالمسح والخسف والقتل والجلاء، وما أشبه ذلك من نكال الله.
) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِى هَاذَا الْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْءَاناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِى عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (
الزمر :( ٢٧ ) ولقد ضربنا للناس.....
) قُرْءاناً عَرَبِيّاً ( حال مؤكدة كقولك : جاءني زيد رجلاً صالحاً وإنساناً عاقلاً، ويجوز أن ينتصب على المدح ) غَيْرَ ذِى عِوَجٍ ( مستقيماً بريئاً من التناقض والاختلاف.


الصفحة التالية
Icon