" صفحة رقم ١٣١ "
أي : بسببه ؛ لأنّ القرآن معجزة، والمعجزة تصديق من الحكيم الذي لا يفعل القبيح لمن يجريها على يده، ولا يجوز أن يصدق إلاّ الصادق، فيصير لذلك صادقاً بالمعجزة، وقرىء :( وصدّق به ) فإن قلت : ما معنى إضافة الأسوأ والأحسن إلى الذي عملوا، وما معنى التفضيل فيهما ؟ قلت : أما الإضافة فما هي من إضافة أفعل إلى الجملة التي يفضل عليها، ولكن من إضافة الشيء إلى ما هو بعضه من غير تفضيل، كقولك : الأشج أعدل بني مروان. وأما التفضيل فإيذان بأن السيء الذي يفرط منهم من الصغائر والزلاّت المكفرة، هو عندهم الأسوأ لاستعظامهم المعصية، والحسن الذي يعلمونه هو عند الله الأحسن، لحسن إخلاصهم فيه ؛ فلذلك ذكر سيئهم بالأسوأ وحسنهم بالأحسن. وقرىء :( أسواء ) الذي عملوا جمع سوء.
) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِى انتِقَامٍ (
الزمر :( ٣٦ - ٣٧ ) أليس الله بكاف.....
) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ( أدخلت همزة الإنكار على كلمة النفي، فأفيد معنى إثبات الكفاية وتقريرها. وقرىء :( بكاف عبده ) وهو رسول الله ( ﷺ ) : و ( بكاف عباده ) وهم الأنبياء ؛ وذلك :
( ٩٦٨ ) أنّ قريشاً قالت لرسول الله ( ﷺ ) : إنا نخاف أن تخبلك آلهتنا، وإنا نخشى عليك معرتها لعيبك إياها. ويروى :
( ٩٦٩ ) أنه بعث خالداً إلى العزّى ليكسرها، فقال له سادنها : أحذركها يا خالد، إنّ لها لشدّة لا يقوم لها شيء، فعمد خالد إليها فهشم أنفها. فقال الله عزّ وجلّ : أليس الله بكاف نبيه أن يعصمه من كل سوى ويدفع عنه كل بلاء في مواطن الخوف. وفي هذا تهكم بهم ؛ لأنّهم خوّفوه ما لا يقدر على نفع ولا ضرّ. أو أليس الله بكاف أنبياءه ولقد قالت أممهم نحو ذلك، فكفاهم الله وذلك قول قوم هود :) إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ ءالِهَتِنَا بِسُوء ( ( هود : ٥٤ ) ويجوز أن يريد : العبد والعباد على الإطلاق، لأنه كافيهم في


الصفحة التالية
Icon