" صفحة رقم ١٣٤ "
والصحيح ما ذكرت أوّلاً، لأنّ الله عزّ وعلا علق التوفي والموت والمنام جميعاً بالأنفس، وما عنوا بنفس الحياة والحركة ونفس العقل والتمييز غير متصف بالموت والنوم، وإنما الجملة هي التي تموت وهي التي تنام ) إِنَّ فِى ذَلِكَ ( إنّ في توفي الأنفس مائتة ونائمة وإمساكها وإرسالها إلى أجل لآيات على قدرة الله وعلمه، لقوم يجيلون فيه أفكارهم ويعتبرون. وقرىء :( قُضِيَ عليها الموتُ ) على البناء للمفعول.
) أَمِ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَآءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ قُل لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (
الزمر :( ٤٣ - ٤٤ ) أم اتخذوا من.....
) أَمِ اتَّخَذُواْ ( بل اتخذ قريش، والهمزة للإنكار ) مِن دُونِ اللَّهِ ( من دون إذنه ) شُفَعَاء ( حين قالوا :) هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ( ( يونس : ١٨ ) ولا يشفع عنده أحد إلا بإذنه. ألا ترى إلى قوله تعالى ) قُل لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً ( أي : هو مالكها، فلا يستطيع أحد شفاعة إلاّ بشرطين : أن يكون المشفوع له مرتضى، وأن يكون الشفيع مأذوناً له. وههنا الشرطان مفقودان جميعاً ) أَوْ لَّوْ كَانُواْ ( معناه : أيشفعون ولو كانوا ) لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ ( أي : ولو كانوا على هذه الصفة لا يملكون شيئاً قطّ، حتى يملكوا الشفاعة ولا عقل لهم ) لَّهُ مُلْكُ السَّمَاواتِ وَالاْرْضِ ( تقرير لقوله تعالى :) لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً ( لأنه إذا كان له الملك كله والشفاعة من الملك، كان مالكاً لها. فإن قلت : بم يتصل قوله :) ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( ؟ قلت : بما يليه، معناه : له ملك السماوات والأرض اليوم ثم إليه ترجعون يوم القيامة، فلا يكون الملك في ذلك اليوم إلاّ له. فله ملك الدنيا والآخرة.
) وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاٌّ خِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (
الزمر :( ٤٥ ) وإذا ذكر الله.....
مدار المعنى على قوله وحده، أي : إذا أفرد الله بالذكر ولم يذكر معه آلهتهم اشمأزوا، أي : نفروا وانقبضوا ) وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ( وهم آلهتهم ذكر الله معهم أو لم يذكروا استبشروا، لافتتانهم بها ونسيانهم حق الله إلى هواهم فيها. وقيل : إذا قيل لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له نفروا ؛ لأنّ فيه نفياً لآلهتهم. وقيل : أراد استبشارهم بما سبق إليه لسان رسول الله ( ﷺ ) من ذكر آلهتهم حين قرأ ( والنجم ) عند باب الكعبة، فسجدوا معه لفرحهم، ولقد تقابل الاستبشار والاشمئزاز ؛ إذ كل واحد منهما غاية في بابه ؛ لأنّ الاستبشار أن يمتلىء قلبه سروراً حتى تنبسط له بشرة وجهه ويتهلّل. والاشمئزاز : أن يمتلىء غماً وغيظاً حتى يظهر الانقباض في أديم وجهه. فإن قلت : ما


الصفحة التالية
Icon