" صفحة رقم ١٦٨ "
قلت : إن صحت الرواية عنه، فقد حق فيه قول المازني في مسألة العلقي : كان أجفى من أن يفقه ما أقول له :) إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ ( يحتمل أن يكون مسرفاً كذاباً خذله الله وأهلكه ولم يستقم له أمر، فيتخلصون منه، وأنه لو كان مسرفاً كذاباً لما هداه الله للنبوّة، ولما عضده بالبينات. وقيل : ما تولى أبو بكر من رسول الله ( ﷺ ) كان أشدّ من ذلك :
( ٩٨١١ ) طاف ( ﷺ ) بالبيت، فلقوه حين فرغ، فأخذوا بمجامع ردائه فقالوا له : أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آباؤنا، فقال : أنا ذاك، فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فالتزمه من ورائه وقال : أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم، رافعاً صوته بذلك، وعيناه تسفحان، حتى أرسلوه. وعن جعفر الصادق : أنّ مؤمن آل فرعون قال ذلك سراً، وأبو بكر قاله ظاهراً.
) ياقَومِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِى الاٌّ رْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَى وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ (
غافر :( ٢٩ ) يا قوم لكم.....
) ظَاهِرِينَ فِى الاْرْضِ ( في أرض مصر عالين فيها على بني إسرائيل، يعني : أنّ لكم ملك مصر، وقد علوتم الناس، وقهرتموهم، فلا تفسدوا أمركم على أنفسكم، ولا تتعرضوا لبأس الله وعذابه، فإنه لا قبل لكم به إن جاءكم، ولا يمنعكم منه أحد. وقال :) يَنصُرُنَا ( وجاءنا ؛ لأنه منهم في القرابة، وليعلمهم بأنّ الذي ينصحهم به هو مساهم لهم فيه ) مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى ( أي : ما أشير عليكم برأي إلاّ بما أرى من قتله، يعني : لا أستصوب إلاّ قتله، وهذا الذي تقولونه غير صواب ) وَمَا أَهْدِيكُمْ ( بهذا الرأي ) إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ ( يريد : سبيل الصواب والصلاح. أو ما أعلمكم إلا ما أعلم من الصواب، ولا أدّخر منه شيئاً، ولا أسرّ عنكم خلاف ما أظهر يعني أنّ لسانه وقلبه متواطئان على ما يقول، وقد كذب ؛ فقد كان مستشعراً للخوف الشديد من جهة موسى، ولكنه كان يتجلد، ولولا استشعاره لم يستشر أحداً ولم يقف الأمر على الإشارة. وقرىء :( الرشاد ) فعال من رشد بالكسر، كعلام. أو من رشد بالفتح كعباد، وقيل : هو من أرشد كجبار من أجبر،