" صفحة رقم ١٨٠ "
وروى النعمان بن بشير رضي الله عنه، عن رسول الله ( ﷺ ) :( الدعاء هو العبادة ) وقرأ هذه الآية. ويجوز أن يريد الدعاء والاستجابة على ظاهرهما، ويريد بعبادتي : دعائي، لأن الدعاء باب من العبادة ومن أفضل أبوابها، يصدقه قول ابن عباس رضي الله عنهما : أفضل العبادة الدعاء. وعن كعب : أعطى الله هذه الأمة ثلاث خلال لم يعطهن إلاّ نبياً مرسلاً : كان يقول لكل نبيّ أنت شاهدي على خلقي وقال لهذه الأمة :) لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ( ( البقرة : ١٤٣ ) ؛ وكان يقول : ما عليك من حرج، وقال لنا :) مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مّنْ حَرَجٍ ( ( المائدة : ٦ ) وكان يقول : أدعني أستجب لك ؛ وقال لنا :) ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ (. وعن ابن عباس : وحدوني أغفر لكن، وهذا تفسير للدعاء بالعبادة، ثم للعبادة بالتوحيد ) داخِرِينَ ( صاغرين.
) اللَّهُ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (
غافر :( ٦١ ) الله الذي جعل.....
) مُبْصِراً ( من الإسناد المجازي، لأن الإبصار في الحقيقة لأهل النهار. فإن قلت : لم قرن الليل بالمفعول له. والنهار بالحال ؟ وهلا كانا حالين أو مفعولاً لهما فيراعي حق المقابلة ؟ قلت : هما متقابلان من حيث المعنى، لأن كل واحد منهما يؤدي مؤدى الآخر، لأنه لو قيل : لتبصروا فيه، فاتت الفصاحة التي في الإسناد المجازي، ولو قيل : ساكناً والليل يجوز أن يوصف بالسكون على الحقيقة، ألا ترى إلى قولهم : ليل